لو نتأمل في بعض الآيات الدالة على وجوب شكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى والثناء عليه، لوجدنا أنها تختلف عن آيات المغفرة مثلاً، كيف؟ في آيات المغفرة يقول الله ما معناه إنه يغفر الذنوب لمن شاء، أي إن المغفرة مرتبطة بمشيئته. لكن في الشكر المسألة تختلف، ولا تجد ذاك الاستثناء، فهو سبحانه يقول: (لئن شكرتم لأزيدنكم). تلاحظ هاهنا أنه لم يقل إنه إن شاء أو يشاء. وبالطبع كل شيء بمشيئته سبحانه، ولكن عدم ذكره سبحانه للاستثناء في مسألة الشكر والثناء، دلالة على عظم مسألة الشكر وعدم التقليل من شأنها. ديننا نصفه صبر ونصفه الآخر شكر. إن الابتعاد عن أيهما يعني الدخول في مسائل الذنوب والسيئات، فيحدث البلاء الذي حكمته الأساسية دفعنا نحو الصبر مرة أخرى، والعودة إلى صفوف الصابرين.. فيما نقص النعمة أو زوالها، تكون الحكمة من ورائها هي في الدفع نحو تذكر الرازق والواهب ودوام شكره والعودة إلى صفوف الشاكرين. إننا نظلم أنفسنا بالطلب المستمر من الرزاق الكريم نعمه التي لا تُحصى، وهو سبحانه أهل لذاك الطلب وهو أكرم الأكرمين، ولكن أجد أن الأمر فيه نوع من عدم الاستحياء مع الرازق الكريم كيف ذلك؟ نطلب منه سبحانه الكثير لكن دون مقابل من طرفنا! كيف لا نرد الجميل بما هو أجمل منه، المتمثل في شكر الواهب الرازق بما هو أهل له. إنه سبحانه ينعم وينزل علينا نعمه المتنوعة المتعددة غير القابلة للعد والإحصاء، ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءً، فيما نحن لا نتوقف عن الشكوى والتذمر من أشياء لا تستحق حتى عناء التفكر فيها، بل نزيد على ذلك أن نرفع إليه جل وعلا، ذنوبنا وسيئاتنا ومعاصينا كل لحظة!! المسألة تحتاج إلى التذكير والتذكر في كل يوم وليلة، بل بين كل لحظة وأخرى، فإن النعم تدوم بشكرها دون استثناء، وربما تزول بحسب مشيئته سبحانه، بكفرها وعدم شكر واهبها قولاً وفعلاً، بل إن الشكر أساساً يكون أبلغ بالفعل وليس بالقول فقط، (اعملوا آل داود شكرا) ولم يقل قولا، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عباده عبر قيامهم بما يجب تجاه النعم. وإن التصدق وفعل الخيرات أبرز وجوه الشكر العملي.. وما يأتي حديثنا اليوم سوى من باب التذكير الذي به ينتفع المؤمنون.. | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق