الخميس، 26 أغسطس 2010

حياتنا مثل قلم الرصاص



     

    قصـة جميـلة تُـروى من بـاب العظة والتذكـرة ، حيـث قيل بأن صانـع أقلام رصـاص جـرت بينه وبين أحد الأقلام الجديدة محادثة قبيل أن يدخل القلم مع بقية أصحابه إلى العبوة المخصصة لعدد 12 قلماً، استعداداً لخوض حياة مليئة بالتحديات والصعوبات ، بدءاً من البري ومروراً بالكتابة وانتهاء بالتكسير أو الوصول للنهاية والفناء في سلة مهملات ، صغرت أم كبرت ، شأن القلم هنا شأن أي مخلوق آخر يعيش على هذه الأرض ، يعيش دورة حياة معروفة لا تتغير ولا تتبدل ..


   قال الصانع : اعلم أيها القلم ، أنك إلى حياة قاسية ذاهبُ ، لا يعترف أحد فيها بالخاملين والكسالى ..  وما لم تجتهد ليكون لك دور حيوي ومؤثر فيها ، فإن دخولك لتلك الحياة مثل خروجك منها ، لن يكون لك أثر ، ولن يشعر بك أحد ، وستكون هامشياً أو على هامش الحياة ستعيش ، وما أدراك ما هامش الحياة ..

   عليك أيها القلم أن تدرك جيداً بأنك بمراحل عديدة قاسية من " البري " ستمر ، وستكون مؤلمة لك ، لكنها ستعمل على تجديد مظهرك وستعطي لبصماتك قوة ، وسيحبك المتعاملون معك كلما خرجت من مرحلة بري مؤلمة.

   ثم اعلم أيها القلم أن لك ميزة ربما لا توجد في بقية جنسك من الأقلام ، وهي قدرتك الفذة على مسح أخطاء الماضي وتصحيحها فوراً دون معاونة خارجية ، وهذه ميزة قلما توجد في الأقلام وغيرها.. إن أغلب معاناة الناس الذين أنت ذاهب إليهم ، تكمن في أخطاء تصدر عنهم لكن بحجة وأخرى ، أو عذر وآخر ، تجدهم يتكاسلون ويتثاقلون في عمليات التصحيح ، فلا يقومون بتصحيح الأخطاء أو ربما تصعب على البعض منهم تلك العمليات لسبب أو آخر، فتجدهم يعانون من تبعاتها ونتائجها لحين من الدهر قد يطول ..

   أنصت إليّ أكثر أيها القلم في نصيحتي الأخيرة .. لو تعرضت للكسر لسبب أو آخر، فكل على يقين بأن قيمتك باقية ستظل باقية ولن تُرمى بسهولة.. أتدري لماذا ؟ لأن ما تحمله داخل جسدك هو أهم ما تملك ، وليس مظهرك الخارجي ، فإن ما تحمله بالداخل هو ثروتك وسر التصاق الناس بك..

   بعـد أن انتهى الصانع من توجيه نصائحه الحكيمة ، دخل القلم إلى العبوة مع بقية إخوانه ليستعد خوض حياة جديدة له، سيرسم فيها الكثير،  ويخط الكثير ، وسيكون له شأن وأثر في كثيرين..

   
  بدأ صانع الأقلام يتأمل بعد ذلك ويحدث نفسه قائلاً : هكذا هي حياتنا شبيهة بحياة قلم الرصاص. نعم ، لابد أن يكون لنا أثر ونحن نسير في هذه الحياة، إذ من المفترض أنه كلما مررنا بالمحن والتجارب القاسية، كلما قويت شوكتنا وعزيمتنا ، مثلما هي عملية البري المؤلمة لقلم الرصاص ، فإن التجارب والمحن والمشكلات ما هي إلا عمليات بري متنوعة ومختلفة القوة .. ولا أظن أي أحد منا لا يحتاج إلى بعض عمليات بري بين الحين والآخر ، من أجل أن يكون أقوى أثراً وأكثر قوة وجلداً على الاستمرار..