أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 27 يوليو 2017

المجتمعات بين صناعة الولاء وطوابير الحمقى والعملاء

  
  المجتمعات دومًا في صراع بين صناعات الولاء والبناء وزرع القيم بالنفوس، وبين من يقوم على العكس من ذلك ويعمل جهده في التفكيك والتدمير ونشر الفوضى. ولعل أكثر ما يثير الانتباه في مثل تلك النوعية من الصراعات ما اصطلح على تسميته بالطابور الخامس، الذي يعني بكل وضوح كل ما هو مضاد للولاء. وبعبارة أخرى، الطابور الخامس يعني الخيانات. فقد جاء في موسوعة الجزيرة أن الطابور الخامس عبارةٌ من قاموس التآمر والمكيدة، تدل على وجود عملاء محليين غير معروفين، يشتركون في مؤامرة تُدار من الخارج ويُشكلون سندها المحلي وقوتها المتحفزة، في انتظار الإذن بالتحرك.
  يعود تاريخ المصطلح إلى حقبة الحرب الأهلية الإسبانية. حيث توزعت قوات الوطنيين على أربعة طوابير تزحف بشكل متواز، وفي إحدى مداخلات قائد الوطنيين التوجيهية عبر الإذاعة، أثارَ مسألة وجود طابور خامس مختف داخل العاصمة مدريد، ينتظر فقط وصول طلائع القوات القادمة ليشرع في تنفيذ المهام المسندة إليه، لزعزعة السلطات الجمهورية القائمة وتيسير سقوط العاصمة.
  لو تقرأ في حوادث التاريخ الكبيرة، وسقوط المدن والعواصم والحواضر المهمة، ستجد أن الخيانات الداخلية كانت من الأسباب الرئيسية للسقوط، والحوادث أكثر من أن نحصرها ها هنا، لكن الإشارة إلى بعضها مفيد، ومنها سقوط بغداد قديمًا حين كانت عاصمة للعباسيين. ذاك السقوط المروع من أبرز الأمثلة على دور الطابور الخامس. حيث صار يُقترن سقوط المدينة بالوزير ابن العلقمي الرافضي، الذي خان الخليفة وهيأ الأجواء لدخول المغول، وما جرى بعد ذلك من إهلاك للحرث والنسل، في كارثة لا ينساها التاريخ.. الظروف السياسية الحالية في غالبية المنطقة، ربما مهيأة لكثير من الطوابير الخامسة أن تخرج من أوكارها، لتعيث مع الخارج فسادًا وتدميرًا. وكلما كان الحذر وكانت الحيطة تم تأجيل ظهورها، بل نرجو الله ألا تخرج أبدًا. ولكن عدم خروجها يتطلب عملًا أمنيًا دقيقًا إلى جانب توعية مجتمعية، وترسيخ معاني الولاء لله والرسول والدين ومن ثم الوطن. فتلك هي عوامل الثبات لأي مجتمع من الاختراق. ونشوء الطوابير الخامسة أو ما شابهها في الكيفيات والأهداف.. وخذوا حذركم. وصية قرآنية لا يجب أن نغفل عنها أو من يحذرنا القرآن منهم، وما أكثرهم، ونحن ماضون في صناعة الولاء بالنفوس.

لقد كسب النبي صلى الله عليه وسلم ولاء الصحابة من بعد أن رأوا فيه عظيم الأخلاق والصفات، قبل أن تأتيهم التعليمات الإلهية بالولاء لله والرسول، ذلك أن صناعة الود التي تأتي بعدها مباشرة صناعة الولاء، فإنما للإنسان تأثيره الأساسي في تلك الصناعات، قبل تأثيرات أخرى مادية وغيرها.
  يمكنك صناعة الولاء في النفوس بالأخلاق الراقية الفاضلة، وعميق الاحترام والتقدير. أما المال والجاه والمناصب، فهي كلها عوامل كسب للولاء، لكنها مؤقتة زائلة. فما إن تتلاشى وتختفي، حتى تجد الولاء قد تسرب من النفوس سريعًا سريعًا دون أدنى تأسف أو ندم من أصحاب تلك النفوس، أو أي اعتبار لما كان فيما مضى من تقديرات ومكاسب مادية. وكما يقول الفقهاء: ما بُني على الباطل فهو باطل، أو ما بُني على الفاسد فهو فاسد، فكذلك ما بُني على الزائل فهو زائل.
  لكن هناك فئة هي أشبه بحجر عثرة أمام مشروعات صناعة الولاء في المجتمعات، وهم الحمقى أو من غلب العناد عليهم واصطبغ بالحمق أو تغلف به. ولقد صدق الشاعر العربي أبو الطيب المتنبي حين وصف الحمق بأنه داء لا دواء له. والتاريخ مليء بالحمقى منذ القديم وحتى اليوم وإلى ما شاء الله. يأتون على صور ونماذج شتى، لا يلعب المال والجاه ها هنا دورًا كبيرًا في هذا الأمر، فقد تجد فقيرًا أحمقًا، وبالمثل هناك الغني الأحمق، والزعيم الأحمق وهلم جرا.
  من الصفات المتلازمة للحماقة، العند بل العند الشديد غير القابل للتفاهم والتفاوض. والعند غير الحزم، فهذا شيء وذاك شيء آخر تمامًا، فلا أحد يستطيع القول بأن فرعون هذه الأمة مثلًا وأبرز الأمثلة البشرية على الحماقة المغلفة بالعناد، أبو جهل بن هشام، كان حازمًا في مسألة مقاتلة المسلمين في بدر، بل إن عناده وحماقته قبل ذلك، من الأسباب الرئيسية لهلاكه وكثير من صناديد وشيوخ قريش.
 من يستعرض التاريخ القديم والحديث، والتاريخ المعاصر الذي نعيش تفاصيله بشكل دقيق كل يوم، سيجد أعدادًا كبيرة من حمقى وجهلة، وجدوا أنفسهم في فترة ما وظروف معينة، قد آلت الأمور إليهم وصاروا أصحاب قرار بقدرة قادر، بل تحولوا ليكونوا أصحاب القرار الأول والأخير، فكانت لهم القيادة واتخاذ القرار وتسفيه أي رأي لا يتوافق معهم، وكانت النتيجة الطبيعية هي هلاكهم قبل غيرهم، بغض النظر عن صورة وشكل أو ماهية الهلاك. ورغم كل تلك الشواهد التي يتحدث الناس عنها في كل مناسبة، فإنك تجد قافلة العنيدين الحمقى مستمرة في السير، بل وينضم إليها كثيرون بين الحين والحين، دون أن يتعظ أو يعتبر أحد!!


الخميس، 20 يوليو 2017

الرئيس الأحمق


      ما الحكمة من دراسة التاريخ أو لماذا ندرس ونتأمل التاريخ؟
الإجابة بكل اختصار: لكي نستفيد من أخطاء الماضي، وإلا فلا داعي منها إن كانت الأخطاء ستتكرر ويستمر المخطئ على خطئه.. هذه نقطة أولى في موضوع اليوم، أما الثانية المهمة، فتدور حول القدرة على التنبه للخطأ، بل الأفضل ليس في اكتشافه والتنبّه إليه فحسب، بل العمل الفوري على معالجته. 
   
  الشيخ محمد الغزالي رحمه الله له مقولة جميلة موجزة في سياق هذا الموضوع. يقول:" ما يثير الحسرة، هو رفض دراسة الأخطاء التي تورط فيها بعضنا، ولحقت بنا من جرائها خسائر فادحة.. الأخطاء لا تخدش التقوى، والقيادات العظيمة ليست معصومة ولا يهز مكانتها أن تجيء النتائج عكس تقديراتها.. إنما الذي يطيح بالمكانة، هو تجاهل الخطأ ونقله من الأمس إلى اليوم وإلى الغد..." انتهى.
 
    إن رجعنا الى تاريخنا بعض الشيء وبحثنا عن نوعية القيادات التي تحدث الشيخ الغزالي عنها، وتسببت في إشكاليات أو كوارث، فسنجد مثلاً بأن القبائل التي أظهرت وجاهرت بالعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الفترة ما بين غزوة بدر حتى جلاء اليهود من الجزيرة في معركة خيبر، كانت لأسباب سياسية أو اقتصادية، وبرزت في تلك الفترة شخصيات كثيرة جاهرت وكشفت عداوتها للإسلام والمسلمين وجلبت لشعوبها الكثير من المتاعب، ومن تلك الأسماء زعيم قبيلة غطفان، وكانت قبيلة عربية كبيرة ذات شأن، إلا أن مشكلتها كانت كامنة في زعيمها الأحمق، وكان يدعى عُيينة بن حصن. كان نموذجاً للحماقة والسفاهة حتى أطلق عليه النبي صلى الله عليه وسلم لقب الأحمق المطاع!

   مما جاء في سيرته وكان لافتاً للنظر، قراراته المتسرعة التي كانت تأتي بنتائج سلبية وغير حميدة، لا على نفسه ولا على قومه. فقد كان إلى جانب حمقه، مستبداً في الرأي، لا يسمع ولا يشاور، بل يطيع هواه فقط، وبالتالي كانت قراراته حمقاء ضارة مضرة وبالضرورة. من أبرز قراراته الحمقاء حين وقف مع يهود خيبر يناصرهم ويعادي المسلمين، في وقت كانت تتعاظم قوة وشأن الدولة الإسلامية الوليدة، وحيث الحكمة آنذاك كانت تقتضي احترام تعاظم تلك القوة الجديدة. لكن كيف لأحمق أن يدرك مثل تلك المتغيرات؟ وكان النبي الكريم قد فاوضه على أن يكون محايداً في هذه المعـركة وله نصف اقتصاد خيبر، لكنه رفض رغم كل الإغراءات.

  بدأت المعركة ورأى عُيينة الأحمق كيفية انهيار خيبر، ولكن مع ذلك لم يتراجع عن قراره. والغريب أنه لم يقم أحد من جيشه، وكانوا يومئذ أكثر من أربعة آلاف مقاتل، بتقديم رأي آخر يعارض توجهات الأحمق المطاع، وكانوا يتبعونه إلى أن انتهى أمر اليهود. فجاء عيينة بعد ذلك بقليل ودون استحياء، إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وطلب أن يعطيه بعض غنائم الحرب حتى يكف عن معاداته! نعم، بتلك الجرأة في الطلب، أثبت الأحمق المطاع أنه فعلاً رمز للحمق. وكان من المنطقي ألا يحصل على شيء، فقد فات وقت التفاوض، حيث طرده النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من مجلسه، ليعيش بعد ذلك ومن معه في عالم الحمقى والمغفلين، حيناً من الدهر..
    
   حين يقرأ أحدنا مثل تلك القصص، فإنه على الفور سيتبادر إلى ذهنه نماذج عجيبة شبيهة بالأحمق المطاع، يكونون على شكل رؤساء أو وزراء أو حتى مديرين ومستشارين.. قرارات حمقاء، وتعليمات جوفاء، والناس من حولهم في شقاء وعناء.. ولقد ظهرت في أزمة الخليج الحالية، أعداد من أولئك المسؤولين الحمقى، الذين ستشقى بهم شعوبهم بعد قليل من الوقت، حين تنجلي الغمة عن المنطقة ويتبين الحق من الباطل، ويتفكك معسكر الحصار الذي يقوم عليه رباعي متأزم منذ الخطوات الأولى لمؤامرة دنيئة لا يمكن نسيانها وتجاهلها..

  إن مشاكلنا في كثير من مؤسساتنا الإدارية العربية، سواء كانت مؤسسات حكم أو وزارات أو حتى شركات تجارية وغيرها، تتلخص في أننا كقيادات أولاً ومن ثم من هم أقل درجة وظيفية، لا نعترف بالخطأ، حتى لو ثبت الأمر وتبين من هو المخطئ.. إذ يظل المرء المخطئ منا، يدافع عن نفسه ويحاول التنصل أو التبرير إلى آخر نَفسٍ أو طاقة فيه، ويظل على تلك الشاكلة يجادل ويماطل، ويظل متنقلاً في مواقع الدفاع من موقع التبرير الى الجدال، ومن ثم الى المِراء حتى ينتهي به الأمر الى العناد، فإن وصل إلى نقطة العناد، فعليه وعلى من معه السلام، دون أن ندخل في كثير شروحات وتفاصيل. ولكم في أزمات ومشكلات الأمة، الكثير من الدروس والأمثلة.


   

الخميس، 22 يونيو 2017

الحصار على قطر.. كيف نستثمره ؟

  مضى شهر كامل منذ كذبة سكاي نيوز أبو ظبي، ونشر تصريحات مفبركة كاذبة، التي على إثرها اندلعت أزمة خليجية تحولت سريعاً إلى مسألة دولية. وخلال هذا الشهر قرأنا وشاهدنا وتابعنا مشاهد متنوعة من التضليل والدجل الإعلامي على وجه الخصوص من جانب المعسكر المحاصر لقطر، حتى وصلت تلك المشاهد لتكون وجبة من الفكاهة اليومية ننتظرها فجر كل يوم، على اعتبار أن غالبية المشاهد الساخنة كان إنتاجها يتم ليلًا والناس نيام!
   لقد تابعنا الكم الكبير من الأوراق التي تم حرقها خلال هذا الشهر. فقد رأينا كيف الأوراق الدينية احترقت وانكشفت، ثم الأوراق السياسية والرياضية ثم تبعتها الفنية ومن قبلها جميعًا الإعلامية.. فقد انكشف كثيرون وسقطت أقنعة عن أناس اعتقدنا فيهم الكثير من الصلاح أو الحكمة أو الطيبة، ولكن ما إن سقطت الأقنعة عن وجوههم، حتى بانت خفاياهم، وتلك منحة أولى من هذه المحنة. وصدق الإمام الشافعي رحمه الله حين قال: "جَزَى الله الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْر...عَرَفتُ بها عَدُوّي مِنْ صَديقي".
 محنة الحصار وإن لم نشعر به نحن المواطنين وأيضا المقيمين معنا في هذا البلد الطيب ولله الحمد، إلا أنه حصار له آثاره النفسية والاجتماعية والاقتصادية على المدى البعيد. لكن الدروس والعبر غالبًا تكون في مثل هذه الشدائد والأزمات، وما لم يتعظ ويستفد المرء من دروس الأزمات، فإنه إلى عدم الاتعاظ والاستفادة في وقت الرخاء والسلم أبعد. 

استفادت قطر من تجربة عام 2014 وأزمة سحب السفراء، فرأت احتمالات مثل هذا الحاصل الآن مبكرًا، فاتخذت التدابير اللازمة لمواجهته، فكان التخزين الإستراتيجي للسلع الأساسية سواء بالداخل أو الخارج، وتم التدريب على السفر جوًا في مسارات جديدة، وأنشأت ميناءً دوليًا ضخمًا يرتبط بالعالم دون الحاجة إلىموانئ الجوار، إضافة إلى عقد التحالفات الدفاعية مع قوى ذات وزن، أهمها الدولة التركية عبر تحالف عسكري. وبتلك الخطوات والاحتياطات تم الاستعداد لسيناريو شبيه بالحصار المفروض علينا الآن. ولعل هذه الاحتياطات المدروسة هي التي جعلتنا حكومة وشعبًا نمتص الصدمة سريعًا ونتكيف مع الظروف وبهدوء ملحوظ يشهد له العالم.

 كل تلك الاستعدادات الإستراتيجية لا تمنع من التفاكر مجددًا، والعمل لما بعد الخروج من هذه الأزمة بإذن الله. وأحسبُ أن عملًا كبيرًا ينتظرنا جميعًا بعد انكشاف هذه الغمة عما قريب بإذن الله. فعلى المستوى السياسي لابد من استثمار قوى كبيرة والدخول معها في أحلاف ومعاهدات مشتركة، سواء من القريب أو البعيد، وسواء كانت معاهدات عسكرية أو اقتصادية أو قانونية وغيرها.
أضف إلى ذلك أهمية إعادة التفكير في دعم سفاراتنا بالخارج بكوادر وطنية في مجال الإعلام والثقافة والقانون وغيرها من مجالات. فالسفارات لابد أن تتكون من فرق كاملة تدعم السفير. الحاجة صارت ماسة لوجود ملحق عسكري، ثقافي، إعلامي، اقتصادي وقانوني. هذا الفريق مهمته الأساسية كسب شعب وحكومة كل دولة بها سفارة لقطر. إن مثل هذه العلاقات التي تُبنى بهدوء ووفق خطة إستراتيجية، من شأنها أن تظهر أهميتها وفائدتها وقت الأزمات والملمات..  وقد كسبنا من هذا الحصار المغرب العربي، حكومات وشعوبا، وهذا الوزن الجغرافي الإستراتيجي له أهميته بعد قليل من الوقت. أضف إلى هذا الثقل المغاربي الذي كسبناه فيما خسره المحاصرون لنا، كسبنا شعوبًا هنا وهناك، الأمر الذي يدفعنا إلى أهمية استمرار الوقوف مع الشعوب العربية والمسلمة والصديقة في السلم والحرب، فإن الشعوب لها تأثيرها الساحر على حكوماتها وعلى الرأي العام العالمي، وهذه قوة لابد من التخطيط العلمي الواعي في كيفية استثمارها. 
  من الأمور المهمة التي لابد من استثمارها والعمل عليها لمثل هذه الأوقات، الاكتفاء الذاتي من الطعام والشراب. فنحن دولة صغيرة ذات سكان محدودين مقارنة بما حولنا، وبالتالي يدفعنا ويشجعنا هذا إلى دعم الصناعة والزراعة المحلية والتشجيع على ذلك. ومن ناحية أخرى يتم التخطيط والعمل على خوض إستراتيجي في مجال الصناعة والزراعة ولكن في مناطق خارج البلاد، بحيث يعمل الداخل مع الخارج في السلم، وفي أوقات الأزمات إن تعطل الداخل، يكون الخارج هو السند والبديل. كما ظهرت أهمية الإعلام في هذه الأزمة، لاسيَّما سلاحنا الإستراتيجي الإعلامي المتمثل في شبكة الجزيرة الإعلامية. هذه الشبكة التي أظهرت الدور المؤثر الفاعل في تفكيك وزلزلة المعسكر المحاصر لنا، وإن لم تعمل بكامل طاقتها بعد، وهذا يدعو إلى أهمية الحفاظ عليها وأن تكون في كامل قواها، وألا يتسلط عليها سيف التقشف وضغط المصروفات، فهذه الشبكة كما أسلفنا، سلاح إستراتيجي لا يجب التقتير عليه ومعاملته كأي مصلحة أو وزارة حكومية عادية..

المقيمون خاصة العرب، أثبتوا وبالشواهد والأدلة أنهم مواطنون في هذه الأزمة. التعاطف بدا واضحًا عندهم، بل وصل إلى حد البقاء في البلد، يصيبهم ما يصيب أهل البلد. فكما أنهم عاشوا في أمن وسلام هذا البلد، فإنهم لن يتركوه في وقت الضيق والشدة. وهذا ما يدعو إلى تقدير اليد العاملة العربية وأهمية تعزيز علاقاتهم وارتباطهم بهذا البلد وشعبه، وإزالة ما يمكن إزالته من فروقات بينهم وبين المواطنين.
  الحديث في كيفية استثمار هذه المحنة وتحويلها إلى منحة، حديث طويل ومتشعب. وما تطرقنا إليه من نقاط إنما أشبه بعصف ذهني سريع، وأحسبُ أن هناك الكثير الكثير مما يمكن التفكير فيه من وحي هذه الأزمة التي نعيشها، والتي نسأل الله أن يكشفها عنا قريباً، لاسيَّما وأن الظروف السياسية من حولنا بدأت تهب رياحها وتدفع باتجاه زوالها، وما ذلك على الله بعزيز.


الخميس، 15 يونيو 2017

حصار قطر.. سببان لا ثالث لهما

   أسبوعان منذ كذبة سكاي نيوز وبدء حفلة التشهير الإعلامي بقطر، والأمور لم تهدأ لا إعلامياً ولا سياسياً، وصارت الأزمة تشغل، ليس بال المنطقة وما حولها فحسب، بل اتسع الاهتمام والقلق ليشغل بال عواصم العالم الكبيرة، باعتبار أهمية منطقة الخليج عالمياً.

لا شك أننا في قطر أكثر من غيرنا، انصب وما زال، غالب تركيزنا على هذه الأزمة المفتعلة والمدبرة بليل بهيم حالك السواد، كسواد نفوس من قاموا بالتخطيط والتنفيذ والترويج.. نعم، كانت مفاجأة كبيرة لنا مسألة الفبركة الليلية، لكن سرعان ما تم ضبط الأمور وتفهمنا المسألة فقمنا نتعامل معها بالشكل المطلوب، حتى هبط علينا أمر ليلي آخر بقرار قطع العلاقات وفرض الحصار، في سابقة لم تعرفها دول التعاون، وأحدثت صدمة نفسية باعتبار أنها من الجوار القريبين!
  
  الصدمة لم تدم طويلاً، فقد كان هذا الفعل متوقعاً في أزمة سحب السفراء 2014. ولأنه لم يتم تنفيذه في تلك السنة، فقد كنا نتوقع في أي أزمة جديدة مفتعلة أن يتم تطبيق فعل الحصار وقد صار.. أما وقد صار وأصبح واقعاً، فإن الأمر يتطلب سياسة هادئة في التعامل معه، وحسن استغلال التشنج الواضح الذي عليه المعسكر المنقلب علينا، وأبرز مؤشرات ذلكم التشنج ما يتضح في التخبط والتسرع في التصريحات والقرارات، وافراغ كل ما في الجعبة من خطط التشهير والشيطنة، وحرق كل الأوراق من أجل لفت الأنظار عن مشروعات خفية ربما قرب وقت ظهورها، أو لفت الأنظار عن الأهم والأخطر من القضايا من تلك التي تشغل بال شعوب الدول المحاصرة لقطر، وإن كان ليس هذا هو لب موضوعنا اليوم.


 ما يهمني بصفتي مواطناً قطرياً في هذه الأزمة، ألا يحدث مزيد من الحمق والتهور في المعسكر المحاصر لقطر، فيتم اللجوء الى استخدام الساعد والسلاح في إنجاح وإنهاء الحملة المفتعلة، وإن كان الأمر ليس بالسهولة التي نتحدث عنها. لكن من قام بداية بافتعال واشعال شرارة هذه الأزمة غير السوية وغير العاقلة، لا يستبعد أي حماقات قادمة، خاصة إن تجمعت عناصر الاغترار بالقوة المادية والتهوين من الخصم، مع بطانة فاسدة وإعلام أفسد، وخبث قوى أخرى بالمنطقة، توحي للمتأزمين بالخليج أن المسألة داخلية، فيحدث ما لا يُحمد عقباه ويتكرر سيناريو استدراج وخداع العراق نحو الكويت وما جرى بعد ذلك وإلى اليوم. أما عدا ذلك، فإننا في قطر نملك من القدرة المادية والمعنوية من تلك التي تجعلنا مستمرين طويلاً في النقاش والجدال، سواء على الصعيد الإعلامي أو السياسي، وتستمر في الوقت ذاته الحياة على وتيرتها التي اعتدنا عليها بإذن الله، إلى أن يظهر الله الحق، وأينما كان الحق وظهر للجميع فلن يتردد أحد في قطر من اتباعه.. وتلك نقطة أولى.
النقطة الثانية والأهم، تكمن في أهمية استثمار هذه الأزمة فيما يعود بالنفع على الوطن والمواطن وكذلك المقيم، فإن كل يوم يمر على الأزمة، تتضح لنا فيه خفايا ونوايا، ما جعلتنا نعيد التفكير والنظر في الكثير من القضايا والأمور.

  لقد اتضح وبما لا يدع مجالاً للشك، ومن سقطات وعثرات وأخطاء المعسكر المحاصر لقطر، أن الأزمة المفتعلة ضدها لم تكن بسبب الكثير مما أثير من مزاعم واتهامات غير منطقية وواقعية من قبل الأِشقاء " التعاونيين " ومن معهم من عرب منتفعين متسلقين، كمزاعم دعم حماس أو الإخوان أو " الإرهاب " أو التدخل في الشؤون الداخلية أو التحريض وغيرها من تهم ومزاعم.. لأن الإكثار من عدد الادعاءات والمزاعم والتهم تلك، ما هو إلا من أجل التغطية على نقطتين رئيسيتين لا ثالث لهما في تقديري، وقد يتفق البعض معي أو لا يتفق، ويتمثلان في القرار السياسي والقرار الإعلامي.

   
  دول مجلس التعاون منذ استقلالها، وآلية استلام وتسليم الحكم معروفة وواحدة لا تتغير، فمن يتولى الحكم يبقى دون حراك إلى أن يأتيه اليقين، حتى وإن كان وجوده تفويت لكثير من المنافع والمصالح للبلاد، ولا يهمنا الآن هذا، فلكل دولة قرارها الخاص في هذا الأمر. لكن ما أحدثه سمو الأمير الوالد حفظه الله، أمير قطر السابق عام 1995، كان خروجاً على المألوف والآلية التقليدية المتبعة في دول المجلس، وهو مالم يعجب البعض ورآه خطراً، فكان ما كان سنة 1996 من محاولة انقلاب فاشلة في قصة طويلة وتبعات أطول.. واستمر الأمير الوالد في كسر الروتين السياسي بالمنطقة، حين قرر التنحي عن الحكم في هدوء نادر، الأمر الذي أقلق المجلس تارة أخرى!
  
  في عشرين عاماً إذن، ومجلس التعاون الخليجي لم يغير مساره التقليدي على غالب الأصعدة، وبعض أعضائه غير قادر على تغيير بعض ممارسات وآليات الإدارة السياسية في بلدانهم، أو توسيع هوامش الحريات الإعلامية، وأصبحت تنظر إلى قطر نظرة عدائية، رغم أنها لم تصل بعدُ الى الدولة المنشودة التي اكتملت فيها مؤسسات الدولة الديمقراطية، أو تعددت وتنوعت فيها مؤسسات إعلامية مستقلة تتحرك في مساحات واسعة من الحرية المنضبطة.. إذ رغم ذلك كله، ينظر بعض أعضاء التعاون الخليجي إلى قطر نظرة غير مريحة، وإن كانت خافية أغلب الوقت، لكنها كشرت عن أنيابها وأخرجت ما بنفسها منذ أن تولى الأمير الشاب دفة حكم البلاد، واعتقدت أن الفرصة مواتية لإعادة قطر إلى المربع الخليجي الأول، لا تلتفت يمنة ولا يسرة. وبدأت بمحاولة تهميش ما تم إنشاؤه خلال عقدين من الزمن عبر قائمة طويلة من المزاعم والاتهامات المرسلة في أزمة سحب السفراء عام 2014، وزادت القائمة طولاً وعرضاً فكانت المحاولة الثالثة في رمضان عام 1438 الذي لن ينساه القطريون أبداً.
  
  كان قد صاحب هذا التغيير في آلية الحكم وإدارة البلاد، قيام قطر باستثمار إعلامي مشهود وناجح على مستوى العالم والمتمثل في شبكة الجزيرة الفضائية.. صرح إعلامي عرف العالم بسببه قطر، وساهم في رفع الحجب والغطاءات والعوازل عن العقول والألباب، ورفع درجة الوعي لدى الشارع العربي الكبير وفي زمن قياسي غير معهود بالعالم العربي، الأمر الذي أحدث حراكاً أزعج مؤسسات الحكم العربية التقليدية.. وتخلص الجمهور العربي من التبعية الإعلامية للإعلام الغربي، فبعد أن كان العرب يرون بكاميرات CNN حرب الخليج الأولى ضد العراق عام 90، على سبيل المثال لا الحصر، صاروا يرون الحرب الثانية عام 2003 بعيون الجزيرة، والفرق في التغطية وتوضيح الحقائق كان مهولاً أزعج الأمريكان أكثر من العرب!
   كل هذا الضجيج من الثلاثي الخليجي إذن سببه أولاً، خروج قطر عن الوصاية والاستقلالية في بعض القرارات كما تفعل عمان، وثانياً وأخيراً بسبب الهامش المعقول من الحرية الإعلامية في هذا الصرح الإعلامي الحضاري المسمى بالجزيرة، كما الحاصل في مجلس الأمة بالكويت. أما بقية المزاعم كحماس والإخوان وإيران والتحريض الإعلامي، فالكل بالمجلس له نصيبه من كل أو بعض تلكم الملفات، وليس في مقدور أي عضو الزعم بغير ذلك، فكل عضو يتحرك وفق مصالحه أولاً وأخيراً، ونحن في قطر لا نعيب على أحد في قرارته ولا نبغي في الوقت ذاته أن نُعاب في قراراتنا، باعتبار أن هذا هو منطق الصواب والعدل.    

             

الخميس، 1 يونيو 2017

حول الحملة الإعلامية على قطر

  
حان الوقت لنضع النقاط على بعض الحروف ..    
من يتابع تطورات الأحداث في الخليج منذ أزمة سحب السفراء من قطر عام 2014 سيلاحظ على الفور أن المسألة باتت أشبه بمصارعة كسر العظام، ليس لشيء سوى رغبة في كسر شخصية قطر السياسية، التي تشكلت وتكونت خلال أكثر من عقدين كاملين من الزمن تقريباً.. تلك الشخصية المحبة للبناء والتعمير، والمساهِمة لخير الآخرين، ورأب الصدوع وحل المشكلات هنا وهناك، وبشهادة كثيرين حول العالم.

  لا شك أن الشخصية القطرية السياسية أزعجت القريب أكثر من البعيد، على الرغم من أن المجال كان مفتوحاً وما زال، لأي جار أن يبني شخصيته المميزة، مع ما ينتج عن ذلك الكثير من الفوائد لصالح منظومة التعاون، وشعوب المنطقة بصورة وأخرى.. فأن تكون في مجلس تعاوني لا يعني أن تكون نسخة كربونية من الآخرين بالمجلس. نعم نتفق على المبادئ ولكن لا يمنع أن تكون لي شخصيتي ورأيي ورؤيتي للأمور، فهكذا حال المجالس والكيانات السياسية في كل العالم.. هذه حقيقة رأيت ضرورة البدء بها.

    الحملة الإعلامية اللاأخلاقية على قطر، والتي وإن بدا زخمها يخفت ويهدأ ويتوارى منذ أن بدأت قبل أسبوع، دليل جديد مؤكد على أن الرغبة ما زالت موجودة بالتعاون الخليجي، لتكون كل الدول نسخ كربونية عن شخصية واحدة هي التي ترى وتفهم وتفكر وتقرر، ومن يخرج عن تلك النسخة سيكون معرّضاً لكل أنواع التهم.. تبدأ بتهمة إزعاج السلطات وتنتهي بالتخوين!  فما زال بعض المسئولين بالتعاون الخليجي، وإن كان بشكل غير مباشر، ومن يدور في فلكهم من إعلاميين ومثقفين ومنتفعين ومستشارين عرب وغير عرب، مستمرين في تكرار نفس الأسطوانة المشروخة عن قطر، والتي قالت قطر عنها بكل وضوح في بيان قديم متجدد لها (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
   
   الإخوان، حماس، التدخل في الشؤون الداخلية، الجزيرة، التحريض!! هي مكونات الأسطوانة التي أصابها الشرخ من كثرة التكرار والاستعمال.. أما الإخوان، فإن كان ايواء بعض عناصرهم التي هاجرت بعد الانقلاب، خشية الاعتقال والتعذيب أو القتل، هو في عُرف أصحاب الحملة دعم للإرهاب! فكذلك ايواء شفيق ودحلان وزين العابدين وأمثالهم، يُعد في عرف الشعوب المقهورة، وليس قطر فقط، دعم صريح لإرهابيين ومجرمين هاربين من العدالة.. 

   أما حماس والانزعاج من وقوف قطر معها، فهو أمر غاية في الغرابة. ألم يقف كل الخليج منذ عقود طويلة مع منظمة التحرير الفلسطينية، حين كانت حركة مقاومة مسلحة وقدمت لها كل الدعم، بل وما زالت تقدم الدعم رغم استسلامها المهين؟ فلماذا تقدم الدعم لفصيل استسلم، وتستنكر على قطر أنها لا تزال تقف مع فصيل آخر يرفض الاستسلام ويعاني القهر والحرمان من المحتل؟  لماذا يتم استنكار هذا العمل من قطر، في حين أن قطر لم تستنكر ولم تعارض دعم بعض الخليج لمحمود عباس ومن معه في الفلك يسيرون؟ هذه رؤى سياسية قابلة للنقاش وقد تتغير مع الظروف، ولكن لا يصل الأمر أن يجبر أحدٌ الآخر على رأيه. 

   أما تدخل قطر في الشؤون الداخلية لبعض الدول الأعضاء بالتعاون الخليجي، فإنه قصة لا أريد الإسهاب فيها، لأنها زعم ووهم كبيرين، بالإضافة إلى أنه غير منطقي لاعتبارات كثيرة. فكيف يقبل المنطق والعقل أن تزعزع قطر أمن واستقرار جوارها، وهي أول من ستتأثر بعمق شديد لأي عدم استقرار وفوضى بجوارها، فإن للجغرافيا والديمغرافيا اعتبارهما ها هنا. ثم، أليس الضغط على الآخر لاتخاذ قرار ما مكرهاً ومجبراً، هو قمة التدخل في الشؤون الداخلية وانتهاك للسيادة؟ لماذا يُراد لقطر إجبارها على قرارات معينة تتعارض مع مصالحها الاستراتيجية؟ أليس هذا تدخل صريح وسافر في شؤونها الداخلية؟  لماذا لم تقل قطر أن ذلك تدخلاً في شؤونها وتعارضاً لمصالحها؟

    النقطة الأخيرة حول مزاعم التحريض، والمقصد ها هنا قناة الجزيرة، على الرغم أنها منذ فترة طويلة تتناول أخبار الخليج بشكل خجول ومحتشم جداً، ولكن تقوم بعملها بدرجة كبيرة من المهنية والحيادية قدر المستطاع، ولا يمكن مقارنتها بما عليه العربية وسكاي نيوز أبوظبي مثلاً أو الشرق الأوسط وعكاظ والرياض والخليج والاتحاد ومنابر إعلامية أخرى سعودية وإماراتية ما بين مرئية ومكتوبة، والتي تقوم حالياً بواجب التحريض والتشويه بشكل غير معهود ومسبوق في الخليج، حيث ضاعت خلالها كل مبادئ وقيم وأخلاقيات المهنة.

    لكن مع كل ذلك التحريض والتشويه في الحملة، فإن قطر لا تزال تغض الطرف عنها، إلا من بعض جهود لأفراد في وسائل التواصل والصحف الخاصة، وإن كانت بشكل فيه الكثير من الأدب والاحترام للقارئ والمشاهد، على عكس ما هو حاصل في المعسكر الثاني، الذي يتخبط يمنة ويسرة منذ أن بدأ.

   لا تريد قطر الاستجابة لاستدراجات الطرف الآخر والانزلاق في مهاترات وأكاذيب وفبركات، باعتبار أن هناك انفتاح إعلامي واسع حاصل وواقع في العالم لا يمكن تجاهله ، وأن سياسة تكميم الأفواه ومراقبة كل من هب ودب  وحجب المواقع، إنما هي بمثابة حرث في بحر لجّي، لا يُجدي نفعاً منه مهما طال الحرث وطال الزمن، فكان من الحكمة أن تواصل قطر تجاهلها لكل هذا الهجوم الاعلامي المستمر من وسائل إعلامية  سعودية وإماراتية ، أو المحسوبة عليهم أو المنتفعة من دعمهم ، تاركة الأمر للمتابع أو المشاهد والقارئ ، حيث تراهن قطر على وعي الجمهور وقدرته على تمييز الغث من السمين .. والزمن كفيل بالأمر.

  لقد بدا واضحاً لكل المتابعين والمهتمين للشأن الخليجي ومنذ البداية، أن قطر لم تأخذها الحماسة والعزة بالإثم وتواجه الحملة الإعلامية اللاأخلاقية بمثلها أو أشد، وإن كان في مقدورها أن ترد الصاع صاعين إن أرادت، ولكن ما زالت الحكمة قطرية. إذ نعتقد في قطر أن مثل هذه الخلافات في الرؤى بين الدول إن حدثت، فلا يجب أن تترك لسفهاء الإعلام وبعض المرتزقة، المحليين منهم أو غيرهم من الخارج، وإنما تُرفع إلى أهل الحكمة والرأي، من سياسيين وعلماء ومفكرين، ولا تترك لسفهاء ومرتزقة الإعلام.  
 
   لقد أراد " البعض " سواء كان بالداخل الخليجي أم خارجه، إحداث نوع من الفرقة بين الأشقاء في البيت الخليجي الواحد، الذي عُرف عنه منذ أن ظهر للوجود على شكل مجلس تعاون قبل ثلاثة عقود، أن مشاكله وخلافاته لا تظهر للعلن، بل يتم حسمها أو مواصلة التشاور بشأنها في هدوء وبعيداً عن ضجيج وأضواء الإعلام.
    
   لهذا كله، أقول بأن الحكمة مطلوبة في أوقات الأزمات والأجواء المشحونة.. وإن التعامل الهادئ مع الانفعالات غير السوية والمحسوبة، هو نهج تسير عليه دولة قطر منذ زمن، باعتبار إيجابياته الكثيرة، بل إنه النهج السليم لأن يكون أنموذجاً في كيفية تعامل الدول مع بعضها البعض، بعيداً عن لغة التهديد أو استخدام قوى الساعد والسلاح والإعلام وغيره، التي وبكل تأكيد ما تزيد غير تخسير..