أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 22 ديسمبر 2016

الحارس الشخصي


   شاهد العالم بذهول، عملية اغتيال السفير الروسي في أنقرة قبل أيام، على يد ضابط شرطة من قوات مكافحة الشغب التركية. حيث أظهرت الأفلام وقوف الضابط الشاب لدقائق معدودة خلف السفير وبثبات واتزان، دلالة على قوة ودقة التدريب الذي تلقاه الضابط الشاب، الذي بدا أيضاً كما لو أنه حارس شخصي للسفير. ثم فجأة يخرج مسدسه ويفرغ ذخيرته في ظهر السفير من مسافة قريبة، وهي غالباً مسافة مميتة لا ينجو منها إنسان.

من اللقطات المصورة، التي تأتي ضمن سياق حديثي اليوم عن الحراسة الشخصية، تلك التي انتشرت مؤخراً، تصور محاولة أحد المواطنين السعوديين وضع يده على كتف الملك سلمان، أثناء السلام على جمهور كبير من المستقبلين، ليبدو كما لو أنه يلتقط صورة شخصية مع الملك، فانتبه الحارس الشخصي للملك بسرعة لافتة، وأبعد يد الشاب وطالبه بالابتعاد.
  ربما بعد تلك الوقائع تبادر إلى ذهنك موضوع الحراسة الشخصية للزعماء والمشاهير والشخصيات المهمة، وأهمية هذه المهنة الخطرة والحساسة، التي لا تُسند إلا لأشخاص على درجة عالية من الضبط والربط والكفاءة القتالية الدفاعية، والتمتع بحس أمني عال دقيق.

  المشاهير وأصحاب المهام والوظائف الحساسة، كزعماء الدول مثلاً، تدفعهم الظروف المحيطة إلى طلب الحماية الشخصية، أو يتم تخصيص تلك الخدمة لهم دون طلب، إن كانوا رسميين، كإجراء أمني معروف مطلوب. فترى الزعيم أو السياسي أو ما شابه، في حماية حارس شخصي يكون له كالظل، ويكون متحفزاً ومتنبهاً كالصقر، لا يتفاعل مع الجو المحيط، وكل همه وتركيزه أن يحمي صاحبه من أي اعتداء أو محاولة الاقتراب والتلامس الجسدي معه، ما لم تكن التعليمات عكس ذلك.

  في هذا السياق تذكر كتب السيرة قصة للصحابي الجليل المغيرة بن شعبة الثقفي رضي الله عنه مع عمه، يرويها بنفسه، قائلاً: بعثت قريش عام الحديبية عـروة بن مسعود الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه، فأتاه فكلمه.. وجعل يمس لحيته، وأنا قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقنّع في الحديد، فقال المغيرة لعروة: كُف يدك قبل ألا تصل إليك!  هكذا بكل وضوح دون أي اعتبار لصلة القرابة بينه وبين عروة ومكانته في ثقيف . 
فقال: من ذا يا محمد؟ ما أَفظه وأغلظه ! فقال صلى الله عليه وسلم: ابن أخيك". فقد كان الصحابة يحيطون النبي الكريم ويحرسونه، تحسباً لأي أذى محتمل قد يتعرض له الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي لم يرفض ذلك، رغم أنه معصوم محفوظ من الحفيظ سبحانه، ولكنه درس نبوي عظيم في أهمية اتخاذ الأسباب أيضاً. 

ليست هناك تعليقات: