أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الاثنين، 27 يونيو 2016

كلام الناس ..



    أيْ عمِّ، قل: لا إله إلا الله، كلمةً أحاجُّ لك بها عند الله. هكذا كان يحث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب وهو في سكرات الموت، لينطق الشهادة كي يموت مسلماً يختم بها أعماله الجليلة في حق الإسلام. وكان حول أبي طالب حينها، زعيم الكفر أبوجهل وهو يقول له: أترغب عن ملة عبد المطلب ؟!  وهكذا ظل الرسول صلى الله عليه وسلم يواصل ويحاول إقناع عمه بنطق الشهادة، وأبوجهل يعيد مقولته، حتى قال أبو طالب في آخر ما نطق: على ملة عبد المطلب!  أي مات مشركاً.


   رغم كل الجهود والأعمال العظيمة التي قام بها أبوطالب مع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لم يسلم وظل على دين آبائه حتى أسلم الروح، ولم يكن من سبب يدفعه إلى ذلك سوى الخشية من ملامة الناس وكلامهم، وخشي أن تقول قريش بأنه جزع وخاف عند موته فأسلم.. إن قصة وفاة أبي طالب، هي نموذج يبين لك كيف يمكن أن يؤدي الاهتمام الشديد والمبالغ بكلام الناس دون وجه حق، إلى نهايات غير سعيدة. لا أقول بتجاهل ما يقوله الناس ولكن في حدود المعقول وضمن إطار الحق، لا أن أسمع لهم على حساب الدين والأخلاق والمبادئ.
  
  إنك إن حرصت على إرضاء فلان وعلان، فمن المؤكد أنك ستصل إلى نهايات غير محمودة والى طرق مسدودة، باعتبار أن البشر أمزجة وأهواء، فقد ترضي هذا وتخالف آخر والعكس صحيح، ولن تصل إلى نتيجة مرجوة نهاية الأمر. لكن حين تكون غايتك إرضاء الله واتباع الحق، فتأكد أنك ستصل إلى نهايات حميدة وإن خالفت الناس، كل الناس.

  من طريف ما جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله ضمن هذا السياق، قال: 

  ضحكتُ فقالوا ألا تحتشم؟ بكيتُ فقالوا ألا تبتسم؟ بسمتُ فقالوا يُرائي بها، عبستُ فقالوا بدا ما كتم! صمتُّ فقالوا كليل اللسان، نطقتُ فقالوا كثير الكلم. حلمتُ فقالوا صنيع الجبان، ولو كان مقتدراً لانتقم. بَسِلتُ فقالوا لطَيشٍ به وما كان مجترئاً لو حكم. يقولون شذ إن قلتُ لا، وإمّعة حين وافقتهم. فأيقنتُ أني مهما أرد رضى الناس لا بدّ من أن أُذم !!

ليست هناك تعليقات: