أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 29 أكتوبر 2015

الوسواس الخنّاس


اقرأ الآن وقبل أن تكمل بقية المقال ، سورة الفلق ..
ثم اقرأ بعدها سورة الناس ثم بعدها أكمل قراءة المقال ..
هل لاحظت أمراً في السورتين ؟
ستقول أن فيهما دعوة إلهية للاستعاذة من الشرور كلها..
نعم هي كذلك .

  لكن لاحظ معي أنك في سورة الفلق تستعيذ بالله مرة واحدة من عدة مصادر للشر .. تستعيذ برب الفلق من شر ما خلق ، سواء كان من الإنس أم الجن أم الحيوان ، وتستعيذ به من شر غاسق إذا وقب ، أي من كل ما يخرج بالليل من شرور ، سواء من الجن أم الإنس أم بقية الأحياء ، وتستعيذ من المصدر الثالث للشر المتمثل في النفاثات في العقد ، أي الساحرات وأهل السحر عموماً ، وأخيراً من شر كل حاسد إذا حسد .. ذاك الحاسد صاحب النفس الخبيثة المحبة للسوء والشر للآخرين ، الذي اعتبره القرآن من مصادر الشرور التي يجب على بني آدم الاستعاذة منه ، شأنه شأن بقية المصادر الثلاثة .
  
   ثم لاحظ أنك في سورة الناس يختلف الأمر ، إذ أنك تستعيذ بالله ثلاث مرات من شيء واحد .. فتستعيذ برب الناس، وملك الناس، وإله الناس، من ماذا ؟ من شر الوسواس الخناس .. إبليس وبقية شياطين الشر معه ومن ضمنهم القرين الذين بين جنبيك .. الذي يوسوس لك بالشر والسوء ، ويزينهما لك على الدوام ، دون كلل أو ملل ، يأتيك بالخاطرة والفكرة فالتزيين ، ثم التخطيط حتى تصل أخيراً إلى التنفيذ  لتقع في شر أعمالك ..

  
 هل سيتركك بعد كل ذلك ؟
 بالطبع لا ، ولن يهدأ .. لأن هدفه ليس ايقاعك مرة أو مرتين أو حتى ألف ، بل أن يدخلك معه إلى قعر جهنم ، تنفيذاً للوعد الذي قطعه كبيرهم ابليس أمام الله وقبل أن يسكن البشر الأرض، أن يقعد لبني آدم كل مقعد ، يزين لهم الشر والسوء وينحرف بهم عن جادة الصواب والحق.
   
 من هنا ، ولأن الهدف الأسمى والأهم للوسواس الخناس الذي بين جنبيك لا يكل ولا يمل ، هو أن يأخذك الى تلك النهاية البائسة للإنسان ، نجد الخالق عزو وجل يدعونا ويحثنا إلى الاستعاذة منه ثلاث مرات في سورة قصيرة واحدة ، على عكس المصادر الأربعة سابقة الذكر ، فتكفي مرة واحدة لصد شرورهم واخطارهم ، أما هذا الذي بين جنبيك ، فكلما استعذت بالله منه أكثر ، حماك الله وأبعدك ووقاك عنه  أكثر وأكثر .. أسأل الله أن يحفظنا وإياكم من كل الشرور ومصادرها ، من الجن كانت أم من الإنس .


      

ليست هناك تعليقات: