أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 19 مايو 2015

ولقد رآه نزلة أخرى ..

  ليس هو بالأمر السهل الذي يمكن أن يمر على العقل والمنطق البشري ، ذاك الحدث العجيب الذي حدث يوم الإسراء والمعراج . كان خارج حدود العقل والخيال الإنساني مهما اتسع وتمدد حينها ، وهو ما حدث فعلياً مع نفر من قريش يوم أن حدثهم بالواقعة، رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، حيث لم يصدقه حينها سوى أبوبكر الذي سُمي بعدها بالصديق ، ليس لأنه كان عالماً بالفيزياء وعلوم الفلك ، بل لأن إيمانه لم يدعه يشكك لحظة في مصداقية الرسول صلى الله عليه وسلم .

  حول هذا الأمر ، حاول أن تقرأ سورة النجم بتمعن وتدبر لتستشعر تلك المعاني ، وكيف أن الآيات تأخذك خطوة خطوة كما يقول سيد قطب رحمه الله في تفسيره لنعيش :" لحظات مع قلب محمد صلى الله عليه وسلم مكشوفة عنه الحجب، مزاحة عنه الأستار ، يتلقى من الملأ الأعلى.  يسمع ويرى، ويحفظ ما وعى ، وهي لحظات خص بها ذلك القلب المصفّى؛ ولكن الله يمن على عباده، فيصف لهم هذه اللحظات وصفاً موحياً مؤثرا ، نقل أصداءها وظلالها وإيحاءها إلى قلوبهم، يصف لهم رحلة هذا القلب المصفّى، في رحاب الملأ الأعلى.  يصفها لهم خطوة خطوة، ومشهداً مشهدا ، وحالة حالة ، حتى لكأنهم  كانوا شاهديها ".

  الصحابة تلقوا الأمر وصدقوه أيضاً رغم قلة علمهم بالفلك والأجرام السماوية وقوانين الفيزياء .. إنهم آمنوا بما أتاهم من الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحيٌ يوحى . لكن اليوم يختلف الأمر بعض الشيء ، فنحن نؤمن بذلك دون شك ، أولاً لأن المسألة إيمان بالغيب ، وثانياً لأن العلم تطور،  واتسعت بسببه مداركنا وأن الانطلاق إلى الفضاء ليس بالأمر الغريب إن تمت مراعاة  قوانين فيزيائية معروفة اليوم ، كقوانين السرعة والضغط والاحتكاك وغيرها ..

   إن ما نعلمه اليوم يساعد كثيراً في تصديق غيبيات ما كان قبل أكثر من ألف عام .. والتقدم العلمي الهائل الذي حصل خلال مائة عام يساوي حصيلة علوم آلاف السنين الفائتة بشهادات علماء وباحثي هذا العصر ، وهو ما يدعو إلى مزيد من الإيمان وليس العكس. ذلك أن ما يثير الاستغراب هو التكذيب أو التشكيك من متعلمين قبل الأميين ، وهو ما يدعو إلى التساؤل : كيف لإنسان متعلم يرى ويسمع ويقرأ مكتشفات العلم كل يوم ، ثم يجحد أو يشكك في غيبيات ومعجزات الأنبياء .. والإسراء والمعراج أبرزها ؟ الموضوع قابل للنقاش . 

ليست هناك تعليقات: