أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

حماس ولغة القوة

  ما يجري في غزة ليس بالجديد ، فإنما هو سيناريو متكرر بعد كل عدد من السنين ، تطول الفترة أحياناً ،  وأحياناً أخرى تقصر حتى تكاد أن تكون الحرب سنوية .. وعلى الرغم من ذلك كله ، تجدنا نتعامل مع كل سيناريو وكأنه يقع لأول مرة ، وكأنما الذاكرة العربية مساحتها لا تتجاوز واحد ميغا بلغة الأرقام الحاسوبية !

   منذ أن ظهرت حماس على الأرض وصارت واقعاً عام 87 ، لم تستطع جبروت ووحشية الدولة الصهيونية من محوها واقتلاع جذورها كما يقول قادتهم عند بداية كل حرب . الأمر لم يعد كما يشتهون ، بل العكس هو الحاصل .
  
  استوعب قادة حماس أن لغة القوة هي اللغة الوحيدة التي يجيدها تماماً قادة الدولة الصهيونية ، بل ربما أكثر من العبرية أو الإنجليزية أو لغات الحاسب أو حتى الإشارة !!  ولعل الفهم العميق عند قادة حماس لهذا الأمر وهم يتعاملون مع جنس من البشر ، جاء من قدوتهم وقدوة كل مسلم ، سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم ، حين تعامل مع يهود المدينة باللغة التي يفهمونها ، لغة القوة ، من بعد أن وصل أذاهم للإسلام والمسلمين درجة غير مقبولة .
  
   ما يجري اليوم في غزة ، رغم التفاوت المادي في العدد والعتاد بين حماس والعدو الصهيوني ، إنما هو جزء من صراع مفهوم ومستمر ، أو إن صح التعبير ، صراع بين الحق والباطل ، الذي لن ينتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
  
   المسألة واضحة جداً ولا تحتاج لكثير شروحات وتفاصيل .. هناك احتلال قائم وشعب يقاوم. هذه كل القصة دون مساحيق مادية أو إعلامية ، ودون تزوير في حقائق التاريخ أو الجغرافيا. ولولا الوهن الذي عليه الأمة اليوم ، ما وجدت للصهاينة أثر على أرض فلسطين .
   
   لكن يحدث هذا كله لأن حماس يمكن اعتبارها الجذوة المتقدة الباقية ، التي يمكن أن تنير وتشعل محركات الدفع والقوة في الأمة في أي وقت .. ولهذا يتكاتف الشرق والغرب على أطفاء هذه الجذوة أو الشعلة ، مهما كان حجمها ، يخيفهم جداً ما حدث خلال الأعوام الثلاثة الماضية من ثورات هنا وهناك ، بغض النظر عن مآلاتها ونتائجها ، ولكنها دون شك مهدت أرضية مناسبة لعودة أمة العرب مرة أخرى .. عودة ،  قد تكون ، أو ربما هي فعلاً ، مقلقة جداً للشرق القريب قبل الغرب البعيد .. ولهذا يحدث ما يحدث لغزة الآن ..

فهل اتضحت الصورة ؟

ليست هناك تعليقات: