أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الاثنين، 7 أبريل 2014

عالم الفاروق ..

 مر الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس يوماً متستراً ليتعرف أخبار رعيته ، فرأى عجوزاً فسلم عليها وقال لها : ما فعل عمر؟ قالت : لا جزاه الله عني خيراً ! قال : ولم ؟  قالت : لأنه والله  ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين ديناراً ولا درهما،  فقال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ قالت : سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحداً يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغـربها.

   بكى عمر من بعد تلك المحادثة مع العجوز ثم قال : وا عمراه ! كل أحد أفقه منك ، حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها : يا أمة الله ، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار ، قالت : لا تهزأ بنا يرحمك الله فقال لها : لست بهزّاء .. ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً .

   بينما هو كذلك ، إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين.. فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه .. لقد شتمت أمير المؤمنين في وجهه ! فقال لها عمر : لا بأس عليك رحمك الله ، ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد ، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها : " بسم الله الرحمن الرحيم .. هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين ديناراً ، فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء " . وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما ، ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال : إذا أنا مت فاجعله في كفني ، ألقى به ربي .


  أي حاكم كان عمر؟ وأي قائد وزعيم ورئيس كان الفاروق ؟ وحتى نعرف من هو عمر ، يكـفينا أن نعرف عن هذا الإنسان حين ذكره رسول الله  صلى الله عليه  أمام الصحابة وهو يثني عليه بقوله: "  لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب "وظني أنه لو لم يكن غير هذا الحديث في وصف عمر ، لكفى .. وهل هناك منزلة أرقى وأعلى لإنسان من أن يكون في مقام الأنبياء ؟ فهذا عمر ، ومن أراد أن يكون في مقام الأنبياء فليكن مثل عمر فقط ليس أكثر ..