أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 26 مارس 2014

لمسة فنية لكسب القلوب

  قصة جميلة بطلها عامل في محطة بنزين ، استطاع كسب قلوب الزبائن في فترة وجيزة . سبب كسبه محبة الآخرين أنه اعتاد على الترحيب بهم في المحطة عبر النطق بأسمائهم ، الأمر الذي كان يستغربه الكثيرون ، واعتقدوا أنه سريع البديهة وصاحب ذاكرة قوية .. 

    السر لم يكن في قوة ذاكرته أو حفظه ، بل في ذكائه واستثماره فيما يعود عليه بالنفع .. فقد كان يسأل السائق الذي يزور المحطة للمرة الأولى ، ثم يقوم بكتابة اسمه على غطاء خزان البنزين، حتى إذا ما جاء في المرة التالية وفتح الغطاء ،  شاهد الاسم فيذهب إلى السائق مرحباً به ويناديه باسمه .. وبالطبع كان ذلك مثار اعجاب السائقين وارتياحهم للعامل .. وهل هناك أجمل من أن يناديك أحد باسمك الذي تحبه في مكان عام؟

    لم يكن العامل يقصد من ذلك العمل إظهار قدرته على حفظ الأسماء وذكائه الخارق للناس ولمسؤولي المحطة، بقدر ما كانت رغبة صادقة منه في تقديم خدمة مريحة لزبائن محطته، وإضفاء الجانب الإنساني على عمله وتعامله مع الزبائن، وهي لمسات بسيطة جداً لها من التأثير الإيجابي في نفس الزبون الشيء الكثير ، بل ربما تكون تلك اللمسة هي السبب والدافع الرئيسي لتكرار زيارة المحطة.

    المرء حين يعمل بجد وإخلاص وحب وتفانٍ، فإن تلك المشاعر الإنسانية تنتقل إلى من يتعامل معهم. حين تحب عملك فإن هذا الحب هو الذي سيحبب الآخرين في ما أنت تقوم به، وغالباً تكتسب محبة الآخرين أيضاً، والعكس صحيح دون أدنى شك. لاحظ حين تتعامل مع متذمر كاره لنفسه قبل عمله، هل تتوقع أن تحب ما يقوم به أو يكسب حبك ؟ 

 مناداة الآخرين بأحب الأسماء إليهم من الأمور المحببة إلى النفوس ، بل تعشقها النفوس الطيبة. هل يتذكر أحدكم شعور الفخر أيام المدرسة، حين كان يناديك مدير المدرسة باسمك ويسأل عنك وكيف أمورك في المدرسة ، سواء كنت بمفردك معه أو وسط الطلاب ؟ كنت تشعر وقتها أنه لا أحد أسعد منك، بل تنتظر بفارغ الصبر العودة للمنزل لتبشر الوالدين والإخوة والأخوات وبقية الأصدقاء والأهل وربما الجيران، بأن المدير ناداك وسأل عنك اليوم ، وتظل تتذكر الحادثة التي لم تستغرق ربما دقيقة ، لكنها كانت كافية لتعزيز ثقتك بنفسك وتزويدك بطاقة شحن كبيرة تعينك على الإيجاب من القول والعمل ، وبالطبع سيكتسب المدير خانة مهمة في قلبك ولن تنساه طوال حياتك..

هي لمسات وإضافات بسيطة لا تأخذ من الجهد والفكر والوقت الكثير، لكن نتائجها كبيرة وكثيرة ومؤثرة.. فكم منا يدرك هذا ؟ وإن أدرك ، كم منا ينفذها على الهواء مباشرة ؟