أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 4 فبراير 2014

ثلاث تجارب حياتية

  من التجارب الحياتية التي لا أشك أن أحدكم لم يمر بها في عمره المديد ، هي تجربة الوثوق بالآخرين إلى درجة بالغة غير محددة ، ثم تتهدم في موقف حياتي معين وما يحدث بعد ذلك من آلام نفسية تستمر حيناً من الدهر غير قصير..

  الإنسان منا يظل يبني في مشروع الثقة بشخص ما أو بآخرين حوله لسنوات عديدات ، ولكن يمكن أن  تلك الثقة أو ذاك الجهد في بناء الثقة بشخص ما في ثوان معدودات وبشكل درامي محزن ، لخلاف أو حدوث ما هو غير متوقع من الشخص الذي وثقت به سنوات طوال..

  انظر إلى صعوبة الأمر .. الثقة التي تحتاج منك إلى سنوات عديدة لكي تبنيها وتعززها، يمكن أن تتهدم في ثوان قليلة ولا أقول في أيام معدودة..  فماذا يعني هذا ؟ إنه يعني بوضوح وجلاء  أهمية الحرص على عدم فقد ثقة الآخرين فينا بأي طريقة ووسيلة ممكنة ، لأن الثقة عملية بناء تراكمي، فإن تهدمت فلا يصلح معها إعادة بناء، لأنه حتى لو تمت الإعادة، على سبيل الافتراض، فإن شرخاً دائماً سيكون في ذاك البناء حتى لو لم يظهر للعيان، باعتبار أن شروخات القلوب عظيمة .. هذه تجربة أولى .

   يوصي المجربون وأصحاب الخبرات الحياتية ، ضرورة الاهتمام  بخلق العفو أو غض الطرف عن إساءة الآخرين إليك .. هذا الخلق الرفيع لا يتطلب عقلاً كبيرًا وصدراً واسعاً فحسب ، بل يتطلب تدريباً شاقاً على كيفية أداء ذلك العفو في وقته ، لأن العفو عند المقدرة هو فعل وليس قولًا .. إن العفو، إضافة إلى ما سبق ، خلق رفيع راق لا يصل إليه أي أحد بالسهولة التي يمكن أن تتصورها ،  وهذا درس حياتي ثان عميق نحتاج إلى بحثه ومذاكرته كثيراً وبشكل مستمـر.

   تجربة ثالثة  تدور حول كسب الأصدقاء ، حيث يوصي العارفون تجنب تغيير الأصدقاء بين كل حين وآخر  خاصة إن وجدناهم قد تغيروا لسبب أو آخر .. لماذا ؟ لأن التغيير أمر طبيعي وقانون حياتي وسنة كونية ، يخضع له الجميع ، أحياءً وجمادات، والتسرع في اتخاذ قرار تغيير الأصدقاء يجب أن يكون من بعد دراسة التغييرات التي هم تعرضوا لها، ومراعاة ذلك وبشكل منصف ومنطقي.
   إن الدخول في مشروع بناء صداقة مع الغير ، شبيه بعملية بناء الثقة ، بل إن بينهما صلة كبيرة وتداخل عميق، فالأمر يحتاج إلى فترة طويلة لكي تثق بشخص لكي تتخذه صديقاً، وقرار تغييره ليس سهلاً في غالب الأحوال ،  والتجربة خير برهان .