أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 20 فبراير 2014

أنصت .. تكسب القلوب والعقول


تأمل معي هذه المشاهد ..

   لو كنت مسؤولاً وجاءك أحد موظفيك باقتراح ما  ولم يعجبك ورأيت عدم جدواه، فهل ستقلل من أهميته أو تسفه اقتراحه ؟ البعض يقوم بذلك  ، ولكن هناك من يقوم بالعكس ،  سيعطيه كل اهتمام .. والأمر نفسه لو أن أحد أولادك جاء إليك يوماً وقال رأياً وإن بدا لك عدم صحته ، فهل ستقلل من رأيه  أو توبخه على ذلك ؟ الإجابة أتركها لك ولتقديرك ..

    إن أي أحد منا يريد أن يشعـر بقيمته لدى الناس ، كل الناس .. والمرء منا يحب ذلك لإنه إنسان صاحب كرامة يريد أن يشعر بأهميته في المكان الذي يعيش أو يعمل فيه ، ويريد أن تكون له قيمته الشخصية، يشعر الآخرون بوجوده ، وأن يكون مقبولاً لدى الناس. مشاعر طبيعية واحتياجات فطرية  في كل إنسان سوي، وليس عيباً أن يسعى الإنسان إلى تحقيق تلك الاحتياجات بصورة وأخرى لا فيها تعد على حقوق الآخرين أو فيها إسفاف أو إجبار وإكراه.

   إن المشاهد السابقة وغيرها من الحالات التي ترى الآخرين يتجهون إليك يطلبون رأياً أو تعليقاً أو مشورة على ما يقومون أو يفكرون به ، حتى لو كانت أمورهم غير ناضجة، بحسب ما تراه أنت، فإنه من مبدأ احترام الآخرين وتقدير ذواتهم ، لا يجب أن تُظهر عدم رضاك أو عدم قبولك أمامهم وبشكل مباشر ، دون شيء من الإنسانية ، بل الأصل أن تشعرهم بأهميتها وتشكرهم على ما يقومون به، وبالتجربة والبرهان وبعض الوقت ، سيكتشفون هم بأنفسهم أن أفكارهم ومقترحاتهم التي طرحوها عليك لم تكن بتلك المستوى المأمول ، فيعملون تلقائياً من عند أنفسهم على تحسينها وتجويدها ، ومن ثم ستجدهم يطرحونها عليك مرة أخرى. 

   إنك حين تستمع إليهم وتنصت وتتفهم شعورهم، فأنت بذلك تحفزهم وتدعوهم إلى بذل المزيد ونفوسهم راضية، ومعنوياتهم عالية، والعكس صحيح وبالضرورة دون أدنى شك..  حين تُشعـر مَن أمامك بأهميته وقيمته الذاتية ، وأنه موجود وله وضعه ، تكون ملكت قلبه وكيانه .. إنه سر من أسرار جذب القلوب قبل العقول ، ودعم للعلاقات الإنسانية مع الغير .. فما أحوجنا إلى ذلك في كل مكان وكل زمان .. فهل تجربون ؟