أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

تحديات تنتظر مرسي بعد الدستور




    في الحلقة الأولى من هذا المقال ( مصر .. ماذا بعد معركة الدستور) حاولنا استشراف ما قد يكون بعد انتهاء معركة الدستور ، وتحدثنا عن التحدي الأهم الذي سيواجه الرئيس ومن معه وهو الاقتصاد ، وقلنا بأن شعار المرحلة القادمة سيكون ، الاقتصاد هو الحل .. ونكمل في هذا الجزء بقية المقال ونتعرف على التحديات الأخرى التي على الرئيس وحكومته التعامل معها بحكمة واقتدار ..


  *  العلاقة مع الولايات المتحدة من التحديات التي تنتظر مصر الجديدة  ، فإن المتوقع بعد أحداث غزة تحديداً أن تتغير سياسة مصر الخارجية وما لذلك من تأثير على دول اعضاء بالجامعة العربية ، ولن يسر ذلك بالطبع واشنطن ، التي يدرس ساساتها كيفية التعامل مع الرئيس أو النظام الجديد في مصر وهل ستبقى مصر حليفاً استراتيجياً كما كانت طوال عقود ثلاثة مضت ، أم أن الأمر يحتاج لضغوطات سياسية واقتصادية لثني أي توجه لمصر نحو التخفيف من قيود التحالف مع الولايات المتحدة ، وخاصة استشعار الأمريكان بأن المصريين الآن اختلفوا ونظرتهم كذلك اختلفت ، ولكن مع ذلك يدرسون بحذر شديد مسألة الاكثار من الضغوط الاقتصادية على مصر ومن ذلك قطع المساعدة السنوية ، لأن من شأن ذلك حدوث نتائج عكسية غير مرغوبة لدى الجانب الأمريكي .. ومن هنا سيبقى التحالف ، تحدياً للطرفين ، الأول وهو الأمريكي ، يسعى للإبقاء عليه كما كان ، والثاني المصري يسعى للتخفيف من قيوده دون تجاهل حقيقة الدور العالمي المؤثر للولايات المتحدة . هي معادلة تحتاج إلى قدر كبير من التوازن .

  *  التحدي الآخر كامن في الدولة الاسرائيلية التي بكل تأكيد تراقب الوضع المصري منذ بدايات الثورة قبل عام ونصف ، وتحرص أشد الحرص على التعامل الواعي جداً مع الحاصل الآن في مصر ، لأن المسألة بينهما الآن تحولت إلى أشبه بلعبة شطرنج ، كل حركة لابد أن تكون محسوبة وإلا ستكون النتائج غير مرغوبة وسارة .. هي حريصة بكل الطرق ألا يتطور أي سوء تفاهم بينها وبين مصر الجديدة حفاظاً على المعاهدة المكبلة لمصر ، لأن التعرض اليها وإعادة مناقشتها لا يسر الدولة الإسرائيلية بكل تأكيد ، وظني أن هذا تحد آخر امام الرئيس وحكومته وأمام الضغوط المستقبلية المتوقعة عليه من جزء كبير من الشعب لإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل .. مسألة أخرى حساسة تحتاج إلى دقة تعامل .

 * التحدي الرابع ربما يكمن في استمرار جبهة المعارضة في التشويش من حين لآخر ، أينما كانت تلك المعارضة ، سواء بالبرلمان فيما لو حازت على نسبة تؤهلها لمضايقة الحكومة والقعود لها عند كل مرصد ، أو لو خرجت صفر اليدين أيضاً من البرلمان ، فهي لن تهدأ وتستمر في المناوشات إلى أن تفقد مبررات وجودها ، وهذا يعتمد على حسن إدارة التعامل معها من جانب الحكومة ، وتحقيق انجازات على الأرض ، تُقنع الشارع المصري بأهمية استمرارا الحكومة في عملها وعدم التشويش عليها من جانب تلك المعارضة . 

 *  الانتهاء من بناء مؤسسات الدولة التشريعية والقانونية جزء مهم لنجاح الرئيس في مسعاه نحو دفع البلاد للاستقرار . حتى إذا ما انتهى اتجه إلى الاقتصاد وإصلاح ما يمكن اصلاحه والدخول في اتفاقيات اقتصادية واستثمارية لاسيما مع بعض دول مجلس التعاون ، بالإضافة إلى تركيا ودول الجوار العربي مثل ليبيا.


  * من المهم كذلك على الرئيس أن يبذل قصارى جهده للإبقاء على  التعاون والتكامل مع بقية الفصائل الإسلامية ، لاسيما الجماعة الاسلامية أو السلفيين ، لأن التوقعات بأن يتحرك المتربصون ببث النزاع والشقاق بين الإخوان والسلفيين ، وتفكيك جبهة قوية كان لها الفضل بعد الله في تخطي  عقبات الرئاسة والاستفتاء على الدستور ..



   *  كما لا يخفى أهمية تحييد القوات المسلحة وعدم السماح لكل ما من شانه إثارة الجيش للدخول إلى العالم المدني وعالم السياسة ، وهذا التحييد للجيش سيكون مكسباً للرئاسة وداعم قوي لها لتنفيذ خططها لبناء وتنمية البلاد .

  *  لا يمنع بعد أن تهدأ الأجواء ، أو يسعى الرئيس ومن معه إلى تهدئتها بصورة وأخرى ، إلى الالتفات إلى الجبهة المعارضة التي نشأت بسبب أحداث متنوعة خلال الأشهر الماضية ، والجلوس اليها ومحاورتها بل وإشراكها في البناء بصورة وأخرى .. فهم في نهاية الأمر ، مصريون ، ولا شك أن الحريص منهم سيتعاون أو على أقل تقدير سيكف عن المعارضة لمجرد المعارضة إلا ما كان فيها مصلحة عامة ، أما من يستمر في غلق أذنيه ويتطرف في المعارضة فهذا يمكن اعتباره من التحديات الداخلية التي لابد من معالجتها بكل كياسة وسياسة.

   تلك كانت استشرافات سريعة لما ستكون عليه الأيام المصرية في قادم الأيام بعد الانتهاء من الاستفتاء على الدستور ، وهي أيام لا شك أنها صعبة وانعطافات تاريخية تتطلب الكثير من المسؤولية لتجاوزها بسلام وأمان ، وكلنا كعرب ، امل ورجاء أن تستقر الأمور في هذا البلد العربي المحوري ، لأن استقراره هو استقرار لكل العرب والعكس صحيح دون أي شك .  

ليست هناك تعليقات: