أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

انتبه وأنت تمزح مع الغير ..


   المطربة أم كلثوم تقول في أغنية لها إن للصبر حدود، ولا أدري إن كان الأمر كذلك، ولكن ما أعتقده يقيناً دون أدنى شك، أن للمزاح حدود، بل لا بد أن يكون حدوداً بل وواضحة الملامح.

   من المؤكد أن أغلبنا تعرض في يوم من الأيام إلى ما نسميه بالمزح ذي العيار الثقيل، أو من النوع الذي يفجر ما بالنفس من مشاعر تكون غالباً مكبوتة تنتظر الشرارة لتنفجر.. لا أقول أو أدعو إلى تجنب المزاح مع الآخرين، فالنفس البشرية تحب المزح والمرح، خصوصاً أن ضغوطات الحياة اليومية تدفع بالمرء دفعاً إلى أن يقضي بعض الوقت في المزح البريء غير الجارح أو الهادم للعلاقات والمشاعر.

   لكن هناك من البشر من اعتاد أن يمزح مع الآخرين بشكل مستمر حتى يكاد يتحول المزح عنده إلى عادة تقريباً.. وحين يصل المزح إلى عادة، يكون المازحُ قد دخل مرحلة حرجة وخطرة في الوقت نفسه دون أن يشعر، فتراه وبحكم اعتياده على ذلك، يتطور في تخطي الحواجز الطبيعية المعروفة للإنسان، إذ إن لكل منا حدوده الطبيعية التي لا يحب أن يتخطاها أحد، ما لم يكن مؤهلاً لذلك.


   هناك من الناس من لا يعترف بتلك الحدود أو يدركها، فتراه يكرر المزحة والأخرى مع شخص معين على سبيل المثال، ويبدأ يتعدى الحواجز ويتطور في المزاحات. وقد يظن المازح أن الأمر مقبول بالنسبة لمن يمزح معه ويكرره، وهو لا يدري أن بتكرار المزاحات ينشأ عند الممزوح معه شعور بعدم الارتياح ولو لم يبد ذلك عليه، لكن كما ذكرنا أن المشكلة الحقيقية تكمن في تكرار المزحة وتطورها أيضاً حتى تصل إلى النقطة التي لا يحسب لها المازح أي حساب، وتكون هي بداية النهاية للعلاقة وتوترها وربما قطعها فوراً.


  أسوأ المراحل التي يمكن أن تصل إليها المزحة هي استخدام اليدين فيها، حيث إنهما هاهنا مثل الصاعق الذي يفجر القنبلة أو الشرارة التي تولد ناراً عظيمة محرقة. ولهذا مطلوب منا في علاقاتنا مع الغير عدم المبالغة في المزح، مع ضرورة تجنب استخدام اليد، خصوصاً مع من لا تكون العلاقة قد وصلت معه بعد إلى الدرجة الحميمية المعروفة، كعلاقة أخوة الدم بين بعضهم البعض أو الأزواج والأصدقاء المقربين جداً، ولكن مع ذلك أنصح بتجنب المزح خاصة باستخدام اليد مع المقربين والأصدقاء.

    أحسبك الآن أيها القارئ الكريم وأنت تقرأ هذه الكلمات، قد مر في ذهنك شريط طويل من الذكريات السابقة في مجال المزح مع الآخرين، سواء كنت أنت البادئ أم العكس، وبعض العواقب التي نتجت.. إذن أكرر على أهمية تجنب الخوض أو الوقوع في المزاح خاصة الثقيل منه، سواء كان باللسان أو باليد.. فالعلاقات الإنسانية دقيقة جداً ومعقدة في الوقت ذاته، فهي صعبة في البناء، لكنها سهلة جداً في الهدم.. وما أظن أحداً يبني علاقة لكي يهدمها نهاية الأمر أو هكذا الأصل في العلاقات الإنسانية.

ليست هناك تعليقات: