أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 16 فبراير 2012

هل صادفت ثقيل دم ؟


  الموقف التالي ربما مر عليك عزيز القارئ في يوم من الأيام، والذي ربما جعلك تعيد حساباتك كاملة في مسألة التعامل مع الناس، وليس أي ناس.. فحاول أيها القارئ الكريم أن تعود بذاكرتك إلى الوراء أياماً أو شهوراً أو سنوات، لتتذكر ذاك الضيف الثقيل، الذي جعلك تندم على أنك رحبت به يوماً في مكتبك بالعمل، وقمت بمجاملته على حساب أشياء كثيرة..

   إن الضيف الذي كنت تشير إليه بإشارات معينة غير مباشرة وتقصد من ورائها إيصال رسالة غير مباشرة إليه أنك قد مللت، وأن أمامك مشاغل عديدة تنتظرك، وظننت أن اللبيب بالإشارة يفهم، وجدته ليس بذلك اللبيب، بل لم يصل إلى تلك المرحلة أو المستوى بعد!!


   لا بد أنك بدأت تتذكر كيف كانت الدقائق تمر بطيئة وكانت ثقيلة على نفسك، فيما الضيف كان يزداد ثقلاً على قلبك ونفسك وهو لا يعير أي اهتمام للحرائق التي بنفسك، فكنت تراه ينتقل من حديث إلى آخر ظناً منه أنك مستمتع بأحاديثه !! وهكذا مرت اللحظات تلك حتى أتاك فرج من الله من حيث لم تكن تدري ولا تحتسب، فوجدته يستأذنك للانصراف، معتذراً إليك إن كان قد أطال عليك بعض الشيء !!  

   أبو هريرة رضي الله عنه كان إذا جلس عنده ضيف ثقيل، قال في نفسه: اللهم اغفر لنا وله وأرحنا منه.. فيما كان بعض الصالحين إذا رأى أحدهم ثقيلاً قادماً إليه، قال: ربنا اكشف عنا العذاب، إنا مؤمنون !! فيما آخر كان يواسي زملاءه المبتلين بضيوف ثقلاء بالصبر والمصابرة، وكان يقول لهم ممازحاً : اصبروا فإنه رباط في سبيل الله !!

   لذلك ترى الكثيرين اليوم يبتكرون حيلاً وطرائق شتى للتخلص من الثقلاء، الذين صاروا في الحقيقة يأكلون الأوقات أكلا، ونبلع نحن المجاملين قهرا !! فترى أحدهم وقد اتفق مع زميل له بتخليصه من الورطة تلك ، إن وقع هو فيها ، بأي عذر ، فيما آخر اتفق مع السكرتير الخاص به ، وثالث لا يقدم لضيفه الثقيل أي مشروب ساخن، أملاً في ألا يطيل الجلوس، ورابع يضع عمداً كومة من الملفات على مكتبه ويبعثر الأوراق، حتى إذا ما داهمه أحد الثقلاء، أشغل نفسه بتلك الأوراق، فلعل وعسى تنفع الحيلة !!

   لكني أرى أن الثقيل ثقيلٌ ، ولو اتبعت معه آلاف الحيل والمكر .. فاسأل الله دائماً ألا يبتليك بأحدهم، فالدعاء بعدم الوقوع ضحية لهم هو أفضل الحلول ، فهم أذكى من أن تتخلص منهم !!  واسأل المجربين حولك هنا وهناك وتعلم منهم .. فهذه هي الحياة ، دروس وتجارب .

ليست هناك تعليقات: