أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الاثنين، 23 يناير 2012

خذوا الحكمة من يهود أمريكا


  
   دعا الناشر اليهودي لصحيفة (The Atlanta Jewish Times)  التي تصدر في ولاية أطلنطا في الولايات المتحدة، إلى اغتيال الرئيس الأمريكي باراك أوباما "لأنه معادٍ لإسرائيل"  وكتب أندرو أدلر في مقاله الذي نُشر يوم  السبت 21-1-2012 ، أنه يتوجب على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إصدار أوامره إلى عملاء الموساد في الولايات المتحدة لاغتيال الرئيس أوباما، "لأن نائبه سيدافع عن  إسرائيل"، وتناول أندرو آدلر ما وصفه بالتهديد الذي تمثله إيران لإسرائيل، وطرح ثلاثة خيارات أمام الدولة العبرية لمواجهة النظام الإيراني .. ومن بين تلك الخيارات " قتل رئيس من أجل الحفاظ على وجود إسرائيل" ، كما انتقد خيار الدبلوماسية الذي تنتهجه واشنطن حيال التعامل مع الملف الإيراني.

   وعلى الرغم من أنه لم يذكر اسم الرئيس أوباما مباشرة، ولكن فُهم أنه المقصود، كما أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الرئيس الأمريكي أوباما للتهديد أو الانتقاد من جانب أنصار الدولة اليهودية، فقد ألقى مؤخراً المرشح الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية "رومني" كلمة أمام التحالف اليهودي للحزب الجمهوري، قال فيها إن هذا الرئيس أكثر كرماً مع أعدائنا (ويقصد إيران) مما هو مع أصدقائنا (ويقصد إسرائيل).

   وقد اعتذر الكاتب بعد ذلك، وصرح بأن ما كتبه كان بدافع إثارة الانتباه، لا أكثر ! فيما البيت الأبيض لم يعلق على الموضوع ! وهذا هو المثير والغريب في الأمر بعض الشيء أو للوهلة الأولى، لكن مع شيء من التمعن في الموضوع، فإن البيت الأبيض وإن قرر استنكار المقال فسيكون على استحياء، فالوقت ليس لصالح أوباما مطلقاً في التصادم مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة .

  أوباما، كما غيره من السلف والخلف، يدرك حجم وتأثير اللوبي اليهودي "الأيباك " في الولايات المتحدة، ودوره في دعم وتعزيز أي مرشح للرئاسة. والرئيس الحالي يدرك أن لتلك الجالية فضل كبير على وجوده في البيت الأبيض، فهو يتحسب من أي أمر قد تكون له عواقب وخيمة أو سلبية، تؤثر على حظوظه في البقاء لفترة رئاسية ثانية.

   أتساءل لو أن كاتب المقال كان عربياً أو مسلماً، كيف كانت وسائل الإعلام الأمريكية ستتعامل معه، بل لا أشك مطلقاً في أن ذلك المقال سيكون مدخلاً لفتح ملفات معينة مع دولة ذاك الكاتب العربي أو المسلم، على اعتبار أن ذلك الأمر، فيه تهديد للأمن القومي الأمريكي، وباعث على استمرار الإرهاب وبقية المصطلحات المعروفة.  

 هذا يقودنا إلى موضوع الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة، وأهمية أن يكون لها دور أكثر إيجابية وتأثير على صناعة القرار في هذه الدولة، وضرورة أن تتجاوز الجاليات المسلمة ذهنية الأقلية، لتحل محلها ذهنية المواطنة. وقد أشار المفكر طارق رمضان إلى هذه النقطة وطالب بدور إيجابي للمسلمين من خلال إستراتيجية تقوم على ضرورة تحديد الأولويات وأهمية المرحلية، وعدم العمل تحت ضغوط خارجية تحولهم عن إستراتيجية الفعل التي يتسم بها الأقوياء إلى إستراتيجية رد الفعل، وهذا هو - بحسب رمضان- مكمن الضعف، كما جاء في حواره مع مجلة Islamic Horizons في عددها الأخير نوفمبر - ديسمبر 2011.

    لو لم يكن للوبي اليهودي في الولايات المتحدة "الأيباك" أثره البالغ على صنع القرار فيها، ما كان ناشر الصحيفة ليتجرأ على نشر مقالته، حتى لو زعم بأنها لإثارة الانتباه ليس إلا. فقد أدرك أنه لا عواقب سلبية على ذلك الفعل، وقد صدقت توقعاته، ولا أحسب أن البيت الأبيض سيندفع لاستهجان الأمر واستنكاره واتخاذ خطوات رادعة ضد الصحيفة أو ناشرها، ليس خشية من الصحيفة بقدر الخشية ممن يقف وراءها ويدعمها، وهو نفسه من يدعم أي مرشح يتطلع لاعتلاء منصة البيت الأبيض.

  ما يحصده " الأيباك" الآن في الولايات المتحدة، ليس سوى نتاج عمل جاد منظم استمر لسنوات، وهذا ما يستدعي من أية جالية أخرى في تلك الدولة الكبيرة، الاستفادة من التجربة اليهودية في العمل والتخطيط والتنظيم، ولعل الجالية المسلمة أولى من غيرها، باعتبار عددها المتزايد وتأثيرها الإيجابي المتوقع في المجتمع الأمريكي مع شيء من التنظيم المنتظر، والحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها أخذ بها. 

هناك تعليق واحد:

Ɲªᴴᴱᴰ يقول...

قال فيها إن هذا الرئيس أكثر كرماً مع أعدائنا (ويقصد إيران) مما هو مع أصدقائنا (ويقصد إسرائيل)..

أعتقد بأن القصد بأعداءهم هم المسلمين،،و ايران ماهي إلأا أداة من أدوات الصهيونية,, والله أعلم..!!