أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 3 يناير 2012

أسلوب حديثك .. مفتاح نجاحك


    حين تتكون لديك الرغبة في أن تلقي كلمات الى الجمهور ، فهذا يعني أنك تحمل هماً معيناً بغض النظر عن طبيعة هذا الهم ، إن كان جميلاً أم كئيباً أم غيرهما ، فإنه سيظل في نهاية الأمر هماً لا يجعلك تشعر بالراحة الداخلية حتى تخرجه من صدرك . وهذا ما يعطي حرارة وقوة الى كلماتك التي تريد إخراجها الى الجمهور . ولعل هذا هو شرط أول لإلقاء جيد .


  الشرط الثاني في جعل إلقائك جيداً ومقبولاً ، هو أن تعرف الطريقة التي بها تنقل ما بنفسك الى المستمعين فالعبرة ليست بما تقول ، وإنما بالطريقة التي تقولها . هل صادف أحدكم محاضرا ألقى نكتة لم يضحك لها كثيرون ، أو أن من ضحك لها  كانت ضحكاتهم أشبه بالمجاملة للمحاضر ؟  وهل صادف أن ألقى النكتة نفسها محاضر آخر ، انقلب الجمهور على قفاه من الضحك ؟ فلماذا لم يضحك الجمهور عند الأول والعكس مع الثاني ؟ إنه الأسلوب في توصيل الرسالة الى الآخرين .

  هناك من يحمل هماً كبيراً ومعان عظيمة ، ويريد أن يوصل تلك الهموم والمعاني الى الآخرين ، فإذا هو يفشل فشلا ذريعاً في ذلك ،  وتكون النتيجة أقرب الى العكس مما أراده وتوقعه ، حيث يكون تجاوب الجمهور سلبياً ، ولا يجد ذاك التفاعل والتجاوب مع ما خطط له ، في حين تجد العكس مع متحدث آخر  ليس بجعبته شيء مفيد ، بل سخافات من القول كثيرة  ، لكنه في النهاية يقدر على تحويل الجمهور الى أناس ايجابيين معه ومتفاعلين بدرجة كبيرة ، بل قادر على أن يجعلهم يتبنون أفكاره ويؤدون ما يريده منهم بكل تفان وسعادة أيضا . فلماذا فشل الأول ونجح الثاني ؟ إنه مرة أخرى الأسلوب أو طريقة الإلقاء.
 
  الأسلوب هو أن تتحدث الى الجمهور بشكل مباشر دون تصنّع وتكلّف في الإلقاء . هذا الجمهور لا يريد منك التقعر والتشدد في الألفاظ ، بل هو يريد منك الحديث الأخوي المباشر . يريد حديث القلب الى القلب . لا تحاول أن تتميز عليهم بكلامك ، مهما كان هذا الكلام قويا ومؤثرا . أرسل كلماتك مع حرارة نفسك الى نفس وقلب الجمهور ، وسيجدها بالفعل حارة مؤثرة ، يتفاعل معها بنفس القوة .

    أشعرهم بأنك تتحدث إليهم هم فقط ، وأنك ما جئت إلا إليهم ، وأنك لا تتميز عليهم بشيء . أشعرهم بالرباط الأخوي الإنساني بينك وبينهم . تحدث بشكل طبيعي كما أنت في حياتك العادية اليومية . لا تحاول أبدا أن تشعرهم للحظة واحدة انك أتيت إليهم ، وقد تدربت على فنون الخطابة والإلقاء ، وتحاول إبراز عضلاتك في الإلقاء بالصوت وبقية أعضاء الجسم .

   إنك إن فعلتها ، سيكون أمر انكشافك أمام الجمهور سهلاً لا يحتاج لكثير جهد ، وسيبدأ هذا الجمهور بملاحظة مهاراتك في الإلقاء وسيعجب بها فعلا ، لكنه سيخرج من المكان وقد رسم لك صورة ذهنية أنك خطيب مفوه بارع ، ولكن إن جئت تسأله عن فحوى الخطاب ، لرأيت أن هذا الجمهور لم يقدر الإلمام بما سمع منك لانشغاله ببراعتك في فنون التحدث !

   لهذا عليك كخطيب أو محاضر أو متحدث أن تجعل جمهورك يخرج وقد استوعب ما تحدثت عنه . لا نقول بأن مهارات وفنون الإلقاء غير مطلوبة ، بل على العكس ستساعدك على توصيل ما أنت بصدد إيصاله من رسائل ومعان ، لكن القصد هو عدم التركيز على ذلك بإظهارها بتكلف ملحوظ ، إذ بدلا من ذلك تحدث بصورة طبيعية كما أنت ،  فهنا ستجد أن هذا الجمهور قد سينتبه للمعاني ويستمع إليك وينصت وسيعى ما يسمع ، دون أن يلاحظ وينشغل بأنك خريج معهد كارنيجي لفنون الإلقاء .. جرب وانظر ماذا ترى ..

ليست هناك تعليقات: