أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 22 ديسمبر 2011

هل الموهبة تكفي للنجاح ؟


   سأنطلق في الحديث اليوم من بطولة كأس العالم للأندية التي انتهت مؤخراً كمدخل لموضوع مهم أو كما أرى ، وهو الموهبة وكيفية استثمارها كعنصر فاعل لتحقيق نجاح منشود مرغوب .
 
   لماذا أخفق المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم الأخيرة رغم وجود الموهبة الكروية الفذة ميسي ، ورغم أن مدربه كان الموهبة الأخرى مارادونا ، في حين يواصل برشلونة انتصاراته من بطولة لأخرى ، محلية وإقليمية وعالمية ؟

   موهبة ميسي لم تكن كافية لأن يحقق المنتخب الأرجنتيني مراده في كأس العالم ، فهو في النهاية شخص واحد ضمن فريق كامل ، أو بعبارة يفهمها مهندسو الميكانيكا ، ترس واحد ضمن آلة كبيرة عبارة عن تروس كثيرة تتحرك وفق آلية معينة وتناغم محدد وأي خلل في ترس واحد من شأنه أن يؤثر على بقية التروس وبالتالي الآلة الميكانيكية الضخمة والمتمثلة في الفريق نفسه .

   الترس هذا المسمى بميسي حينما تم وضعه في آلة ضخمة محكمة الصنع وهي فريق برشلونة ، ظهرت موهبته وطاقاته بوضوح ، وما كان له أن يفعل ذلك لولا أن بقية التروس تناغمت معه فكان الأداء وبالتالي الإبهار والإعجاب فكانت النتيجة النهائية دون شك نجاح باهر يحترمه الجميع .

   التروس تلك ما كانت لتعمل لولا وضوح خطة العمل ووجود روح دافعة للابداع من أجل تحقيق النجاح . خطة واضحة المعالم واستفادة قصوى للمواهب بالفريق ، واحترام تام لتفاصيل الخطة ولا حياد عنها أو تهاون أو استهتار . لم يفرق هذا الفريق بين خصم متوسط المستوى وآخر قوي . وقد وجدناه كيف كان أداءه مع فريق آسيوي مثل السد ، الذي رغم المواهب بالفريق ، إلا أن الروح القتالية ما كانت واضحة وقوية عند السد ، ولم يكن هناك أبداً خطة تحقيق نجاح بل كانت الخطة في إنهاء المباراة بخسارة مشرفة وبأقل عدد ممكن من الأهداف ، والدليل الفارق الكبير في مستوى الفريق بين مباراته مع الترجي والفريق الياباني الذي لم أحفظ اسمه .

   دخل السد مباراته الأولى بروح قتالية وأنه جاء للفوز فتحقق له ما أراد وكذلك مباراته الأخيرة مع الياباني بنفس الروح دخلها فتحقق النجاح ، ولكن أن تخطط لهزيمة مشرفة وتنسى النصر فهذا كان أول أخطاء السد ، رغم علمنا بقوة برشلونة ولكن ما هكذا تُدار المباريات وكذلك أي مشروع حياتي تسعى لتحقيق النجاح من خلاله .

   من هنا لابد أن ندرك أن الموهبة ليست كافية لتحقيق النجاح . نعم هي مهمة وقادرة على التأثير ولكن وفق خطة محكمة مدروسة وروح دافعة مقدامة وتوجّه ذهني ايجابي . المسألة شبيهة بمثال آخر لو أردنا مزيداً من التوضيح ، بفرقة موسيقى كبيرة تريد أن تعزف سيمفونية ما .. تخيل لو أن عازفاً ماهراً على آلة معينة خرج عن الدور المطلوب منه ، تصور كيف ستسمع السيمفونية ؟

    فرقنا الرياضية مثلما فرقنا الإدارية في أي مصلحة حكومية أو خاصة بحاجة إلى استثمار المواهب بالطريقة الصحيحة ، والعمل على خلق روح دافعة ترغب النجاح ، وتقدّر الظروف وتدرس المحيط وتحترمهما ، وبث توجّه إيجابي بناء في النفوس والأذهان ، وحينها النجاح سيكون في متناول اليد أو قريباً جداً.. وإن تأخر فلابد أنه سيحدث طالما الروح الدافعة موجودة ، واليأس لا يعرف طريقه لأولئك النفر .. هذه هي واحدة من دروس الحياة نتعلمها من أبسط الأمثلة الحياتية المتنوعة ، حتى تلك المتمثلة في أنشطة اللهو البريء أحياناً كمباريات الكرة مثلاً ..  


هناك تعليقان (2):

عبد الكريم البليخ يقول...

تتسابق شركات الاسطوانات دائماً لتقديم كل ما هو جديد في عالم الموسيقى والغناء، والاسطوانة الوحيدة التي استثنتها منذ زمن، وحجزت لها مكاناً في الواجهات العربية راضيةً ومختارة، هي الاسطوانة ذات الوجهين، والقديمة قدم كرة القدم العربية نفسها: الهواية والاحتراف.
ولما كان لكل مطرب أنصار، كان طبيعياً أن يكون للهواة أنصار، وللاحتراف أنصار أيضاً.
ولا يهمّنا في هذا العرض أيُّ الأنصار أكثر، وأيهم على حق، بمقدار ما يهمّنا المفاضلة بينهما، ومعرفة أيهما أكثر مناسبةً ومواتاة لجسر الكرة العربية في نهاية القرن العشرين، مع أنَّ الهواية قمّة، والاحتراف قمّة، وبين هاتين القمتين هوّة سحيقة ترفد الكرة العربية .. في هدوء!!
مما لا شك فيه أنَّ الهواية بمبدئها السامي هي الكمال في المتعة لأنّها هي المعيار الحقيقي الذي يُقاس بواسطته مدى حبّ الرياضي لرياضته المفضلة، ومدى إخلاصه واندفاعه، وتفانيه في ممارستها، والتضحية من أجل حبّه لها.. وهل هناك أحلى، وأغلى، وأسمى من الحب!
أما الاحتراف، فلا شك أنّه الوسيلة الأنجع لتطوير أيّ رياضة من الرياضات، ضاق مجالها أم رحب، وكثر عشاقها أم قلّوا، ويكفي دليلاً أنه، أيّ الاحتراف، كان وراء كل هذه النهضة الرياضية، والكروية بالذات، في أوربا وأميركا اللاتينية وسواهما.
على أنه لا بد لتطبيق الاحتراف من مقدمات، إذ يفترض مثلاً لتطبيقه في أي بلد من البلدان أن تتوافر أساسيات عدّة في مقدمتها الإمكانات المادية، والإدارية، والفنية!
هذا بين الدول، أما بين الأفراد، فانَّ تطبيقه يُفترض في أي ممارس أن يتحوّل إلى جندي نظامي يؤدي رسالته سعياً وراء هدف.. وهذا الهدف هو الاكتفاء المعيشي، والاستقرار الحياتي اللّذان يدفع ثمنهما اللاعب المحترف بـ «عملة صعبة» ذات وجهين أيضاً.
وجهها الأول الانتماء، ووجهها الثاني الالتزام، وإذا نظرنا نظرةً فاحصةً وشاملة في آن، نجد أن تجربة الاحتراف قد نجحت في شتى بقاع الدنيا ونجاحها لم يكن مقصوراً على الدول الكبيرة دون الصغيرة، أو الغنية دون الفقيرة.
ولنضرب الاورغواي مثلاً.. فإنّها على صغر حجمها السكاني، ومساحتها على الخارطة، أثبتت وجودها بالفعل على المسرح العالمي من خلال الاحتراف، حيث أكدت للدنيا قاطبة من أقصاها إلى أقصاها أنّها بفضل الاحتراف جاءت مراراً وتكراراً بين أفضل 16 فريقاً على وجه الأرض. وكذلك الحال ، اليوم، بالنسبة الى قطر التي استقطبت، أعداداً لابأس بها من اللاعبين المخضرمين في العالم، وضمهم الى أنديتها، وأخذت دورها وبشكل لافت، واستطاعت أن تؤسس لقاعدة كبيرة.
هذا الواقع ساهم، وبشكلٍ فعّال في تهيئة الصورة الجميلة للكرة القطرية، وتطوّرها، ما جعل أنظار العالم اليوم تلتفت اليها، و تعيش فترة عصرها الذهبي من خلال المتابعة الرسمية، والشخصية لأنشطتها، وهذا ما جعل المشاهد العربي، وبصراحة، يُتابع، وعن قرب دوري المحترفين القطري الذي شكّل حالة غير عادية، بالنسبة للجماهير المتابعة، والمهتمة بكرة القدم، التي شقّت طريقها، وبصورة لافته، برغم كل الصعاب.
وتبقى، آمالنا، تتجاوز كل ما هو جميل ورائع في عالم الكرة اليوم، في ظل تطور واقع الكرة القطرية، من خلال استقطابها النخبة من لاعبي الكرة المحترفين في العالم.

Nawel يقول...

السلام عليكم

أكيد أن الموهبة لا تكفي لتحقيق النجاح، بل توجد عناصر ضرورية عدة مثل التخطيط والقرار وحب العمل المنجز..