أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

الفشل لا يعني النهاية ..

   إن جاءك من يوصف بالفشل وأراد أن يتعاون معك في عمل ما او يشتغل تحت إمرتك في قسمك او إدارتك ، وأنت تعلم عنه وسوابقه وتجاربه الخاسرة أو الفاشلة مع الآخرين ، هل ستقوم بقبوله أو منحه فرصة إثبات نفسه مرة أخرى وتتحمل عواقب ونتائج قرارك ؟

   غالباً ستتردد في ذلك وتلجأ للأسلم والأحوط فتقول : لا .. وبالطبع لا أحد يلومك على إجابتك، لأنها منطقية كما تبدو للوهلة الأولى.. ولن تقدر أنت أيضاً على لوم الناس في قراراتهم المتعلقة بالخارجين من تجارب حياتية فاشلة، باعتبار أن ذلك أمر منطقي عند الغالبية من البشر..

   لماذا تبدو قراراتنا أحياناً تجاه " الفاشلين " مقبولة، وعلى وجه أخص حين نرفضهم في حياتنا بشكل عام أو في مجال من مجالات حياتنا ؟ إن شيئاً ما في نفوسنا يدفعنا إلى الرفض الفوري لهذا القادم " الفاشل " دون إتاحة أية فسحة من الوقت للتأمل والتدبر، ومن ثم التفكر واتخاذ القرار.. أليس هكذا يحدث حين يأتيك مثلاً شخص فشل في عمله بموقع ما ويريد أن يعمل معك أو عندك ويجرب حظه؟


   الفكرة الأولى للرد أو الإجابة التي تلوح لك على الفور حين تقابله هي الرفض، حتى وإن أعطيته المجال للحديث وتفاعلت ظاهرياً معه وتجاذبت أطراف الحديث ، لأن قرارك بالداخل شبه محسوم وهو الرفض، وما تأجيل القرار إلا من باب الذوق والمجاملة فقط.. وهذا بالطبع لا يحدث عند كل أحد، لأن غيرك ربما لا يقابله ويقفل الأبواب في وجهه ويرفض الحديث منذ البداية .. 



  ماذا أريد أن أقول اليوم؟ 


   من المهم جداً أن ندرك بأن الفشل ليس يعني أبداً نهاية مشوار إنسان في الحياة. إن أية نظرة أخرى أو مفهوم آخر للفشل والفاشلين ، أعتبره أو من وجهة نظري على أقل تقدير ، هو مفهوم به بعض القصور وعدم الوضوح، لماذا ؟ لأن الفشل يعني أمراً واحداً واضحاً مفاده أن الشخص ، الذي نعتبره فاشلاً ، قد قام بالعمل لكن لم يصل إلى النتيجة المأمولة، وهذه النتيجة من المؤكد أن لها سبباً وآخر.. وهذا الأخير هو ما يجب الالتفات إليه وليس إلى النتيجة.. لكن كيف؟

      لا يمكنني تصور شخص أراه في موقف يُوصفُ بالفشل أو يُقال عنه بأنه فاشل  وغيره ناجح .. لا، هذه تقسيمة ظالمة أو حكم جائر لا يجب أن يكون له مجال للتطبيق على أرض الواقع .  إن الناجح ، إن أردنا استخدام هذا المصطلح ، أنجز المطلوب لأسباب معينة ، فيما " الفاشل "  لم ينجز المطلوب لأسباب أيضاً..

    الأول توفرت له أسباب النجاح، سواء كانت داخلية تتعلق بالشخص نفسه من مهارات وكفايات وعوامل دافعة معينة على تحقيق المطلوب كما يجب ، أو خارجية على شكل أفراد آخرين أو مؤسسات أو عوامل أخرى ساعدت على النجاح.. فيما " الفاشل " - أو كما نحب أن نطلق عليه هذا الوصف - لم تكتمل لديه عوامل تحقيق النجاح، سواء داخلية من تلك التي ذكرناها آنفاً، أو خارجية معينة. وبذلك وصل الاثنان إلى النتيجة النهائية، هذا ناجح وذاك فاشل!

    هل يجد أحدكم الأمر مريحاً أو منطقياً أو عادلاً أن ينتهي بالنتيجة تلك للأسباب التي ذكرناها ؟  أيرضى أحدكم أن يكون هو نفسه في الوضع الآخر، أي أن يكون في الجانب السلبي ولا تكتمل لديه عوامل تحقيق النجاح، فيكون بالتالي في نظر الناس فاشلاً ؟ بالطبع لن يرضى أي أحد ذلك الأمر لنفسه ، فكيف إذن نستعجل ونُطلقُ الحكم على الغير؟ تأمل وتدبر هذه الأمور الحياتية التي إن لم تعشها مرة ، فستأتيك عاجلاً أم آجلا .. استعد للموقف من الآن وقبل فوات الأوان .  




     

ليست هناك تعليقات: