أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأحد، 18 سبتمبر 2011

أنصت كي تفهمني ..


   مشكلتنا الملحوظة في علاقاتنا الإنسانية ستظل دائماً في عدم الإنصات, أو على أقل تقدير عدم الاستماع إلى بعضنا البعض، سواء في العمل أو البيت أو النادي أو المقهى أو أي موقع نجتمع فيه مع بعضنا. ترى كل واحد منا يريد أن يستأسد ويكون له النصيب الأكبر في الحديث فيما الناس تستمع إليه، وحين يأتي دور غيره ويبدأ الحديث تجده لا يصبر فيدخل مقاطعاً.
   
  لا أظنك أحببت موقفاً وجدت نفسك وأنت تتحدث، وقد قاطعك مستمعك. مواقف من تلك النوعية هي أكثر ما يزعج المتحدث، ولذلك وأنت تعيش دور المستمع لا بد أن تعي جيداً هذا الشعور، وتفهم أن أكثر ما يضايق المتحدث هو مقاطعته من مستمعيه أو عدم الإنصات إليه أو الاستماع إليه باهتمام.
  
  من المهم جدا وأنت تستمع إلى شخص يتحدث إليك، ألا تقاطعه أثناء الحديث، مهما كانت أهمية ما تود قوله، لأن تركيز المتحدث حينها يكون منصباً على ما يقول ويريد إيصاله إليك ولن ينتبه لمقاطعتك، بل إنك بمقاطعتك لحديثه مرة أو مرات، تجعله يكره الحديث واللقاء معك مستقبلاً.

   الإنصات لمن يتحدث إليك وعلى وجه أخص حين يكون الحديث ثنائياً، هو نوع من الخلق أو الذوق الرفيع. حاول أن تضع نفسك موضع المتحدث إلى مستمع أو مستمعين، وحاول أن تستشعر بمعنى أن يقاطعك أحدهم وأنت مسترسل في حديثك، وتركيزك منصب على ما تقول.. إن استطعت استشعار هذا المعنى أو حاولت أن تستجلب من ذاكرتك مواقف مع أشخاص كنت تتحدث إليهم في وقت من الأوقات، وحدثت مقاطعات لك من قبلهم.. إن قدرت على استشعار تلك المعاني، فإنك بكل تأكيد ستتفاعل مع ما أتحدث فيه اليوم.

   المرء منا يجد نفسه مدفوعاً أحياناً في أحاديثه مع آخرين لأن يتدخل ويقطع الحديث، والتبرير الذي نوجده لأنفسنا في مثل هذه المواقف، أن الأمر كان يستدعي من قبل أن تتفاقم الأمور أو أن تضيع حقوق, وبالطبع تلك تبريرات لا معنى لها, فالمقاطعة هي نفسها، سواء كنت مع الحق أو خلافه.

   لذا حاول وتدرب مراراً وتَكْراراً على أن تضبط نفسك وأعصابك ولسانك. لا تتكلم من قبل أن تسمع كاملاَ. دع المتحدث ينهي حديثه بالتمام وبالكمال، واستمع له بإنصات وتركيز وفهم من قبل أن ترد وتناقش, فالإنصات والتركيز هما من صفات الحكماء، ولا أظنك تريد صفات غيرهم، أليس كذلك؟

ليست هناك تعليقات: