أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 10 أغسطس 2011

هل أنت غـيور ؟


   بعثت قارئة كريمة برسالة تقول ما ملخصها أنها تعاني من الغيرة، لكن ليست هي من تغار ولكنها ضحية ذلك المرض المتمكن في بعض زميلاتها في العمل، ولا تدري سبباً يضعهن في مثل ذلك الموقف معها، هل بسبب جمالها أم مهاراتها في العمل، أم محبة الجميع لها وقدرتها على التواصل الإيجابي في علاقاتها الإنسانية..  وتطلب إثارة الانتباه إلى هذا المرض إن صح التعبير.


  الغيرة كما قالت القارئة ، مرض نفسي، وأجدها هي نفسها الحسد تقريباً، أو أنهما صفتان مذمومتان تتشاركان في التوجه والصفات من تلك المتعلقة بالقلب والنفس. لكن ربما الغيرة أقل حدة من الحسد بعض الشيء، لأن الثاني يكاد يفتك بصاحبه من الهم والغم والقلق، لأنه يرى النعمة عند المحسود ويتمنى زوالها فوراً أو في أقرب وقت ممكن ، فيما الغيرة أقل وتختلف في مقصدها، ولا تدعو إلى زوال النعمة بقدر ما تتمنى الحصول عليها تماماً ومشاركتها مع الطرف الآخر ، أو هكذا أفهم الغيرة ، وربما يخالفني أحدكم أو يعرف لها معان أخرى
  


     أنظر حولك وستجد دون شك إنساناً غيوراً . قد يكون ذاك الغيور على شكل زميل عمل في نفس القسم أو نفس التخصص أو من قسم آخر وتخصص آخر، أو زميل دراسة، وربما يكون على شكل قريب أو من الأهل والأرحام كذلك ..  وقد تتفاوت الأسباب بحسب الشخص وبحسب المكان والزمان ونوع الأمر المسبب لإشعال نار الغيرة..  هذا المرض ، إن اتفقنا على أنه مرض، إن تمكن منك بالصورة السلبية، فلن يدعك تهنأ بعيش ولن يدعك تعيش بسلام وأمان لا مع نفسك أو غيرك وستكون في قلق متواصل، ليلاً ونهاراً وخصوصاً أنه قلق لا مبرر له ولا أحد يدفعك أن تعيشه، بل أنت من يتسبب في وقوع نفسك في هم وتوتر ليس لك بهما حاجة أصلاً ، بل أجدك في غنى عنهما في مثل هذا الزمن، فإن ما عندك من هموم وغموم وقلق يكفيك سنوات طوالا، فلماذا تضيف هماً جديداً إلى تلك القائمة الطويلة من الهموم؟


   الغيور السلبي، إن صح وجاز لنا التعبير، ضعيف الإيمان وضعيف الهمة والإرادة. لماذا لا يرضى وقوع النعمة والنجاح والرقي للغير المجتهد، وهي أمور ليست له ولا يملكها، فلماذا لا يكون تفكيره مختلفاً لتكون غيرته إيجابية بنّاءة ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه كل غيور على نفسه ، إذا وجد نفسه التي بين جنبيه تغير من آخرين لأي سبب من الأسباب .. وأخيراً ليست الغيرة  دائماً سلبية ، بل هناك الإيجابية أيضاً، لكن الفرق بين النوعين كبير وشاسع، وسيكون لنا حديث مستقبلي عن النوع الإيجابي بإذن الله.


هناك تعليق واحد:

أنسانة بسيطة يقول...

مقال رائع استاذي العزيز
والغيرة موجودة بداخلنا ولكن لدى المراة الغيرة تفوق فوق المتصور..قد تصل الغيرة لدرجة غير معقولة حين تغار الام من البنت أو العكس - بمعنى بين النسوان - هذا من جهة - ومن جهة أخرى تبقى مسالة الغيرة بين الرجل والمراة أكثر تعقداً- ولقد كثر الحديث عن هالموضوع كثيرا -
أشكرك على هالطرح الطيب وفي انتظار الجزء المتبقي من حيث الجانب الايجابي - الغيرة -