أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الخميس، 28 يوليو 2011

التغيير عبر حذاء الملك !!


   يحكى أن ملكا كان يحكم دولة واسعة جداً، وأراد هذا الملك يوماً القيام برحلة برية طويلة.. وخلال عودته وجد أن أقدامه تورمت بسبب المشي في الطرق الوعرة، فأصدر مرسوما يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد، ولكن أحد المستشارين حوله أشار عليه برأي آخر أفضل مما ذكره الملك نفسه، وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط، فكانت تلك الفكرة بداية صناعة الأحذية - أعزكم الله.

   العبرة من القصة أنه إذا ما أردت أن تعيش سعيداً في هذه الحياة، فلا تحاول تغيير كل الحياة أو كل العالم، بل ابدأ مشروع التغيير في نفسك أولاً، وابذل جهدك عليه، ومن ثم حاول تغيير ما حولك أو الحياة أو حتى العالم بقدر ما تستطيع

   هذه حقيقة غاية في الأهمية وقلما ندركها ونحن نسير في مشاريع التغيير المتنوعة هنا وهناك. والحقيقة تغيب تماماً بقدرة قادر حين يكون أحدنا صاحب القرار أو يكون متمكناً في موقعه، سواء كان حاكماً أو رئيساً أو وزيراً أو غير ذلك من مناصب ومهام رفيعة الشأن ، تجده يقر مشروع التغيير فوراً، بل يصدر الفرمانات والتعليمات بضرورة القيام بكل ما من شأنه تحقيق نجاح المشروع ..

   إن أردت أن يلتزم موظفوك مثلاً بالتعليمات والأنظمة والقوانين، فلتكن أنت من أكثر الناس التزاماً في السر والعلن.. وإن أردت أن تصلح أولادك وتحثهم على فعل الخيرات وترك المنكرات وغيرها من أعمال صالحة راقية نافعة في الدنيا والآخرة، فلتكن أنت ممن اعتادوا عليها ومارسوها قولاً وفعلاً.. وهكذا مع بقية الأمور الحياتية الأخرى.

   لا يمكن أن تغير الآخرين ما لم تكن أنت نفسك قد تغيرت فعلاً. إنك حين تدعو للتغيير وأنت قد مارسته ونجحت فيه، فإن المصداقية عالية جداً، وثقة الناس تزداد بك، وبالضرورة تكون إرشاداتك وآراؤك محل قبول ثم تنفيذ.. والعكس صحيح لا شك فيه.

   جرب مرة أن تدعو غيرك إلى تغيير فعل ما اعتاد عليه، وأنت تقوم به كذلك، ولكن من حرصك عليه تدعوه إلى تغيير عادته إلى الأفضل. وإن سألك: لماذا لا تبدأ بنفسك، وقلت له: لا يهم، أنا انتهت صلاحيتي ولكن أنت اهتم بنفسك واستفد مما أقوله لك ولا تقم بهذا الفعل..

    هل تعتقد أن كلماتك تقنعه؟ هل تظن على الرغم مما بك، أنه سيأخذ بما تقول ويستجيب؟ بالطبع لا. والسبب كما ذكرنا أن التغيير يبدأ من الإنسان نفسه ومن ثم ينتقل إلى الآخرين وبكل سهولة ويسر. جرب الأمر، ثم انظر ماذا ترى.

ليست هناك تعليقات: