أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأحد، 24 يوليو 2011

اليوم فيه 24 ساعة فقط !!


  كلنا يملك ساعة يد وربما اثنتين أو أكثر ..  واحدة تقليدية وأخرى رقمية وثالثة فاخرة تبقيها للمناسبات.. وبهذه الساعات نعرف الوقت خلال اليوم .. لكن هناك ساعة محددة أهم من التي نتابعها ونهتم بها .. هي تلك الساعة التي دوماً بحاجة منا إلى  بعض الاهتمام ، لا لشيء سوى أن نضع أنفسنا في مجال نفسي وروحي نحتاج اليه كثيراً بين الحين والآخر ..  إنها الساعة الداخلية التي لا نوليها ذاك الاهتمام الكافي ولا نلتفت إليها إلا قليلاً..

   كلنا يشتكي من ضيق الوقت وضغطه.. بل لا تجد أحداً إلا وتراه اشتكى مرة أو يشتكي مرات من زحمة الأعمال وقلة الأوقات ! قد يكون صادقاً في شكواه وربما يكون مبالغاً ، فإن سألته عن سبب تأخره مثلاً عن أداء مهمة ما، قال لك الوقت، وإن اقترحتَ عليه عملاً ما، قال لك الوقت.. وإن طلبت منه موعداً أو لقاء ، قال لك سأرى وقتي .. وهكذا تجده يؤجل أو يسوّف الأمور أو يلقي اللوم على هذا " الوقت " ، وبالطبع ، الوقت منه براء.. فما الأمر وما الحكاية؟

   إننا بكل بساطة ، نجد في إلقاء اللوم على الوقت ، تبريراً جميلاً مقبولاً عند غالبيتنا ، عند حدوث أي إخفاق أو عدم إتمام أمر ما ، لماذا ؟  لأن هذا الوقت ليس بالشيء المحسوس أو يمكنه أن يتجسد حتى نخاف منه ونرهبه ، فهو لن يدافع عن نفسه ولن يتكلم ، مهما عاتبناه وألقينا عليه التهم ليلاً ونهاراً ، لكن لن تقدر أن تبرر اخفاقك أو عدم انجازك لعمل ما مثلاً فتقول بأن السبب كان مسؤولك في العمل أو مديرك أو الرئيس الفلاني أو والدك أو فلان أو علان ،  لأن كل أولئك يمكنهم رد الصاع عليك صاعين إن كنت تتهمهم وتريد الزج بهم في إخفاقاتك ، عكس هذا الوقت ، الصامت الخفي .. هذه نقطة أولى.

   أما النقطة الثانية في موضوع الوقت ، وهي الأهم في حديثنا اليوم ،  خلاصتها أن المرء منا عليه أن يتدرب أكثر فأكثر ويجهد نفسه في أمر تنظيم الوقت واستثماره بالشكل الأمثل والصحيح .. وإن خير تنظيم أو استثمار له في مثل هذه الزمن، المتسارعة وتيرته والكل في سباق معه، أن يكون لكل منا ساعته الخاصة في اليوم ، والأفضل أن يحددها  كل يوم قدر المستطاع ، من أجل أداء ما يرغب ويتمنى ويحب من عمل أو أعمال . وهذه الساعة هي التي أعنيها وأدعو إليها وأشرنا إليها في البداية سريعاً  والمسمى بالساعة الداخلية ..

   إن حددت ساعة لك أو ساعتين، تكون لك وحدك لا يشاطرك أحد فيها ولو بدقائق معدودات ، تستمتع فيها وتعيشها من أجل صحتك وذاتك ، واعتبرها ما شئت ، ساعة خلوة أو ساعة راحة أو تأمل أو تدريب على مهارة أو هواية أو حتى تخصصها كي لا تعمل أي شيء فيها ! فإنك أحياناً ترغب في عمل لاشيء ، وهذا الأمر هو أيضاً عمل ، بل وعمل مهم ..

    إن حددت تلك الساعة ووجدت نفسك مندفعاً صوبها ومستمتعاً بها تنتظرها بفارغ الصبر كل يوم ، فاحرص إذن ألا تتخلى عنها بأي طريقة وأي ثمن ، بل عض عليها بالنواجذ ما استطعت ، ثم انظر إلى نتائج تلك المداومة على تلكم  الساعة الشخصية بعد حين من الدهر لا يطول عادة.. ستجدها غاية في النفع والإيجابية ..

   إن ساعات اليوم هي حياتك ، وحياتك أحسبها تستأهل كل خير ، ولا أظنك تبخل على حياتك بساعة واحدة في اليوم على أقل تقدير، من أصل 24 ساعة تخصصها للجد والهزل كل يوم.. فهل أتحدث عن أمر صعب المنال؟