أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

السبت، 18 يونيو 2011

هل الصحابة أفضل منا ؟


   
  ذكر لي أحد الزملاء رأياً لأحد الوعاظ ما ملخصه أن صحابياً كريماً لو كان بيننا اليوم ورأى عبادتنا لاحتقرنا وما نظر إلينا، أو هكذا دار المعنى.. لاشك أن الفروقات كبيرة بيننا وبين الصحابة الكرام، مهما يكن قد صدر من بعضهم من أخطاء حسب ما يقول رواة التاريخ وبعض مفسريه.. والأمر كذلك مع عبادتهم التي لا يمكن أن يصل إليها مسلم من بعدهم، مهما اجتهد وواصل الليل بالنهار في العبادة. ولذلك أسبابه.. منها الظروف التي كان الصحابة الكرام عليها في تلك الفترة، والتي لو وجدت اليوم مرة أخرى لكانت عبادتنا بكل تأكيد مختلفة وأفضل مما هي عليها الآن..
  
  القضية ليست في ذلك، ولكن في الرأي الذي صار يحقّر عبادتنا أمام عبادة الصحابة الكرام.. إن الوضع الذي نحن نعيشه اليوم غير الذي كان عليه الصحابة الكرام بالأمس، بدليل امتداح النبي الكريم، صلى الله عليه وسلم لمن يأتون بعد صحابته، وأنهم إخوانه، الذي يكون أحدهم والقابض على دينه يومئذ كالقابض على الجمر. وقد استغرب الصحابة لوصفه صلى الله عليه وسلم لمن يأتون من بعدهم، وقد كانوا يظنون أنهم أصحابه وإخوانه أيضاً. 


    بيت القصيد، أن أي صحابي لو عاش زمننا هذا سيكون وضعه مختلفاً بلا شك عما كان عليه أيام النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، مثلما أن أياً من مسلمي اليوم لو كان في ذاك العصر، لكان وضعه مختلفاً أيضا.. أضف إلى ذلك أن المقارنة بين الصحابة وبين مسلمي اليوم هي مقارنة غير منطقية أبداً، ولا يجب أن تتم. فقد كانوا في وضع لا يتكرر مرة أخرى إلى يوم الدين. 

   كانوا يعيشون اللحظة والأخرى مع خاتم الأنبياء والمرسلين، والوحي صاعد وهابط من وإلى السماء، والقرآن ينـزل، وأحدهم يخشى القيام بعمل قبل التأكد منه ألف مرة خوفاً من أن يكون يخالف الدين، وخشية من أن ينزل فيه الوحي بآيات تلومه إلى يوم الدين.. وبتلك النفسية عاش أولئك الرجال وبهم، بعد الله، تأسست الدولة الإسلامية وانتشر الدين الجديد..




   أما اليوم، فقد رأينا النور ونحن مسلمون أباً عن جد ولله الحمد، أخذنا الدين من آبائنا وأمهاتنا تقليداً ، ولكن فتحنا أعيننا والتحديات والمشكلات تتكاثر بشكل مستمر وتتعدد بصورة غير طبيعية، والمغريات التي تدعو لتجاهل الدين أو بعضه أو كله نراها أمامنا بصورة يومية، ومع ذلك كله، ورغم الأخطاء التي نرتكبها والتجاوزات والسيئات، إلا أننا ما زلنا على الدين، وإن تراوحت نسب الإيمان في قلوبنا، ولكن ذلك لا يمنع من أن نقول بأننا مسلمون، نعتز بديننا ونتمنى الوصول إلى ما وصل إليه الصحابة الكرام وأن نموت على هذا الدين ويحشرنا ربنا مع نبينا الكريم وصحبه الكرام الذين نحبهم.. والمحب مع من أحب يوم القيامة . 





ليست هناك تعليقات: