أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأربعاء، 23 مارس 2011

هكذا تملك قلبي !!


      أي أحد منا يريد أن يشعر بقيمته لدى الناس ، كل الناس .. المرء منا يحب ذلك لإنه إنسان صاحب كرامة يريد أن يشعر بأهميته في المكان الذي يعيش أو يعمل فيه، ويريد أن تكون له قيمته الشخصية، ويشعر الآخرون بوجوده وأن يكون مقبولاً لدى الناس .. إنها مشاعر طبيعية واحتياجات فطرية  في كل إنسان سوي، وليس عيباً أن يسعى الإنسان إلى تحقيق تلك الاحتياجات بصورة وأخرى لا فيها تعد على حقوق الآخرين أو فيها إسفاف أو إجبار وإكراه. 

   حين يرى بعضنا إنساناً مغموراً أو لا وجود له على الخارطة المجتمعية، يعتقد أن إعطاء أمثال أولئك القيمة والاعتبار ، إنما هو مضيعة للوقت ، وليس هناك ما يدعو إلى هدر الوقت عبر الالتفات إليهم ! وهذه نظرة غير سوية البتة .. نكرر الأمر نفسه ولكن ليس مع الذين على هامش المجتمع ، بل مع الناجحين وأصحاب الأهمية في المجتمع أيضاً ..  إذ يعتقد البعض أيضاً بأن شهرتهم ونجاحهم تكفيهم ، وليس من داع أن نشعرهم بأهميتهم في المجتمع وإضاعة الوقت على ذلك .. وهذه نظرة غير صحيحة أيضاً . إذ بتلك الطريقة مع الذين في الظل والنور نكون قد خسرنا أغلب أفراد المجتمع . من سيبقى بعد ذلك لنوجه اهتمامنا إليه ونرفع من قيمته الذاتية؟

  علينا والحال كذلك، أن نُشعر كل إنسان أمامنا بأهميته وقيمته الذاتية، مهما يكن وضعه المادي والاجتماعي والعرقي ، حتى لو كان ناجحاً مميزاً يشار إليه بالبنان، فهو ربما مع كل هذا النجاح يحتاج إلى تعزيز ما يشعر به، وتعزيز مكانته وقيمته في المجتمع، ويحتاج إلى أن يستمع ويستشعر من الآخرين قيمته وأهميته في المجتمع أو المجال الذي هو فيه، مع مراعاة أن يكون الأمر دون مبالغات أو مجاملات تتعدى الحد المنطقي والمقبول ، بل يتم ذلك بكل أمانة وصدق، كيلا يشعر هذا الإنسان الناجح أو صاحب النفوذ أن ما يسمعه ما هو سوى مجاملات لا محل لها من الإعراب. 

    إذا كنت مسؤولاً وجاءك أحد موظفيك باقتراح ما، فلا تقلل أبداً من أهميته أو تسفه اقتراحه، بل أعطه كل اهتمام .. والأمر نفسه لو أن أحد أبنائك قال رأياً وإن بدا لك عدم صحته ، فلا تقلل من رأيه  أو توبخه على ذلك .. وهكذا في كل الحالات التي ترى الآخرين يتجهون إليك يطلبون رأياً أو تعليقاً أو مشورة على ما يقومون أو يفكرون به، حتى لو كانت أمورهم " تافهة" بحسب ما تراه أنت وغير ذات جدوى، فلا يجب أن تُظهر ذلك أمامهم ، بل أشعرهم بأهميتها وأشكرهم على ما يقومون به ، وبالتجربة والبرهان سيكتشفون هم بأنفسهم وبمرور الوقت ، أن أفكارهم ومقترحاتهم التي طرحوها عليك لم تكن بتلك المستوى المأمول، فيعملون على تحسينها وتجويدها، ومن ثم ستجدهم يطرحونها عليك مرة أخرى. 


       إنك حين تستمع إليهم وتنصت وتتفهم شعورهم، فأنت بذلك تحفزهم وتدعوهم إلى بذل المزيد ونفوسهم راضية، ومعنوياتهم في السماء. والعكس صحيح بالضرورة ودون أدنى شك..  حين تُشعر مَن أمامك بأهميته وقيمته الذاتية ، وأنه موجود وله وضعه، تكون ملكت قلبه وكيانه وصار كخاتم بين يديك تفعل به ما تشاء ...  إنه سر من أسرار جذب القلوب وتقوية العلاقات الإنسانية مع الغير، وما أحوجنا إليه في كل مكان وكل زمان. . فهل تجربون ؟

ليست هناك تعليقات: