أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الاثنين، 7 فبراير 2011

الناقد المحبوب


  صعب على النفس البشرية أمر النقد. هكذا النفس تحب دائما الثناء والمدح والتقدير، وتكره النقد والبحث عن الأخطاء والعثرات، حتى لو كانت النيات من ورائها سليمة خاوية من أي أهداف وأغراض سيئة. فهذه هي النفس الإنسانية، من يتعرف كنهها وأسرارها ومجاهيلها، سيسعد حين يتعامل مع أصحاب تلك النفوس وتقل نسبة الأخطاء في التعامل.

   على أن موضوع النقد مهم ويحدث بشكل دائم في أي بيئة يتعامل الناس مع بعضهم البعض، مثل البيت أو العمل أو مكان عام أو غيرها من بيئات. ولا يقع النقد للأعمال إلا لأن هناك أخطاء تقع. ولو كانت الأعمال تنفذ بشكل سليم ودون أخطاء، فلن يجد النقد محلا له ، وهذا يكاد يكون غير واقعي بين البشر، باعتبار أن الإنسان يخطئ، وليس العيب في ارتكاب الخطأ بل العيب في معرفته والإصرار عليه.

  لا يحدث الانتقاد إلا بهدف التصحيح والتوجيه والحيلولة دون وقوع أخطاء مرة أخرى ، ولكن إذا كان أداء فعل النقد من شخص تجاه آخر لمجرد النقد، وحباً في توبيخ الآخرين، لمرض أو أمراض في نفسه، فهذا أمر يمكن علاجه مع الوقت، وليس هذا هو الهدف من الحديث هنا ، بل في كيفية أداء النقد وبالشكل الصحيح.



   لنحاول أولاً أن نقلل من نقدنا لأفعال الآخرين قدر المستطاع ما لم تكن هناك ضرورة وحاجة ماسة للنقد والنصح والتوجيه. ذلك أن المرء حين يخطأ يتنبه إلى الخطأ فيقوم بتصحيحه فوراً أو بعد حين. وإذا ما صادف أن رأي أحدنا خطأ من فرد، ولم تكن هناك ضرورة إلى التوجيه الفوري، وإمكانية التريث بعض الوقت، فمن الأفضل هنا ترك الأمر للشخص لأن يتنبه بنفسه إلى الخطأ ليعمل على إزالته وتصحيحه، ولا تحاول أن تسرع كالبرق في توجيه اللوم والتوبيخ أو حتى نقد العمل. فهذا له أثر سلبي على النفس. فإذا طال الوقت، ولم يتنبه الشخص للخطأ، فهنا يمكن البدء في عملية النقد. 

   الابتعاد في عملية النقد عن مس الذات من الأمور الأساسية ، فلا يجب لوم الشخص ونعته بصفات غير محبذة أو رفع الصوت عليه، مهما كان وضع هذا الشخص. الانتقاد يجب أن يكون للعمل والفعل وليس الشخص. لا تقل له: يا مجنون ماذا فعلت؟ أو أن تقول: لقد ارتكبت خطأ كبيراً يا أبله أو يا أحمق أو يا كسول.. أو أن تردد عبارات مثل: هل عقلك في رأسك، أو أين عقلك وأين كنت ساعة وقوع الخطأ، وغيرها من عبارات وجمل تمس الذات بشكل مباشر وبصورة سيئة عميقة الأثر، هذه طريقة وبداية خاطئة لا تعمل أبداً على معالجة الخطأ، بل سترسخ معاني الكراهية في النفوس دون شك.

   حاول أن يكون نقدك للشخص على انفراد وليس أمام الجميع، ثم تثني عليه أولاً وتعرج من بعد ذلك على الخطأ المرتكب، وتبيّن له أن الصواب يكون كذا وكذا. ولا تعد عليه أخطاء الماضي إن كان الشخص قد ارتكبها في وقت من الأوقات، وحاول أن تنتهي من الأمر بأن تعيد الثقة في نفس الشخص بكلمات إيجابية تطيب بها خاطره، وتؤكد له أن الأمر بسيط، وأنه يمكن الاعتماد عليه في عمله. وكل ما هو مطلوب منه أن يحاول منع تكرار الخطأ وبذل الجهد، وإنهاء اللقاء على ذلك..

   أنت هنا تكون قد كسبت الشخص وزرعت في نفسه حباً غير عادي للعمل، وسيقوم من لحظته بالتركيز في عمله ومحاولة إجادته فيه ومنع أي أخطاء من الوقوع. وهكذا طريقة النقد البناء الهادف، والعكس معروفة نتائجه، دون حاجة لشرح كثير وتفصيلات أكثر..
أليس كذلك ؟
           


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

فى بعض الاحيان يواجهنى اشخاص ملا للنتقادات و ينتابنى شعورا ملحا بانتقادهم و نفس اللحظة ينتابنى شعور اخر اقوى يحول دون انتقادهم هلى تدرى لماذا لاننى كم تمنيت ان يخطئون مرارا و ان انتقدتهم فسوف انبههم باخطائهم

http://abdulla-alemadi.blogspot.com/ يقول...

شكرا لك على التعليق ..
تقبل تحياتي