أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الثلاثاء، 11 يناير 2011

أنت غير نافع !!


    جملة  تبدو للوهلة الأولى قاسية وغير تربوية.. وهي تقال عادة لمن لم يفلح في تنفيذ مطلب ما أو مجموعة مطالب في أوقات مختلفة، سواء أكانت الجملة صادرة من أب أو أم لولدهما أم معلم لتلميذه أم مدير لموظف عنده أم غيرهم ممن يديرون ويقودون أفراداً في تجمع معين، بغض النظر عن نوع التجمع الذي قد يكون على شكل عائلة أم فريق عمل أم دائرة خدمات فيها موظفون وغيرها من التجمعات البشرية المعروفة.. فما مدى دقة أو صحة العبارة أو الجملة؟ وهل هي مقبولة؟


   إن جئنا لمعرفة مدى قبول العبارة فأجد من المؤكد أن أي أحد منا لا يقبلها حتى لو كان يعلم في قرارة نفسه أنه بالفعل لا ينفع. لماذا؟ لأن وقع الكلمات تلك ثقيل على النفس البشرية مهما كانت حقيقية، ولعل هذه واحدة من مشكلات الكثير من المديرين والرؤساء مع موظفيهم، وهي مشكلة اختيار الألفاظ المناسبة لكل موقف.

    حين تريد إيصال رسالة معينة مباشرة لموظف عندك فمن اللباقة وحسن التعامل أن تختار أهدأ الكلمات حتى لا تزيد الطين بلة.. فمن الممكن اختيار عبارة تقول فيها: «أنت غير موفَّق في أداء هذا المشروع، وسيقوم فلان بتولي المهمة». سيدرك الموظف أنه لم يكن على قدر التوقعات، وأن عليه بذل الجهد ليصل إلى ما يُتوقع منه، من دون أن نكسر جناحه بألفاظ وتعبيرات جارحة، تضر أكثر مما تفيد.. هذه واحدة.
    نقطة أخيرة مهمة.. أعتقد أنه لا أحد يمكن أن يقول عن موظف بأنه لا ينفع في عمله.. لماذا؟
لأن كل إنسان له طاقة معينة وقدرات محددة، وإن لم يُوفَّق في موقع معين فليس يتحمل المسؤولية وحده، بل مسؤوله أو من وضعه في ذاك الموقع يتحمل النصيب الأوفى من المسؤولية.. هذا الموظف لا يرى الصورة الكلية للعمل بل مديره. وحين يجد المدير أن هناك خللاً في الموقع بسبب الموظف، يجب أن يتم التركيز عليه وتوجيهه وتدريبه المرة تلو الأخرى، حتى إذا ما استنفدت كل الوسائل لأن يكون قادراً على القيام بالعمل كما المطلوب، لا يُقال عنه إنه غير نافع، بل يتم تغيير موقعه، فلعل التغيير يفيد ويكون الموقع الجديد على مستوى قدراته فينتج، وفكرة تغيير البيئة أثبتت جدواها في كثير من المجالات.. 

   هكذا يجب أن يكون الأسلوب مع هذا الذي نعتقد أنه غير نافع، إلى أن يتم التوصل إلى قناعة محددة من بعد تأنٍ ودراسة بأن هذا الموظف قدراته فعلاً محدودة، ولن يفيد العمل بحسب التوقعات، حيث لم يبقَ موقع آخر في العمل يتناسب مع قدراته..
حينها فقط يتم إبلاغه بالتي هي أحسن بالنتيجة وبشكل غير مباشر قاس، وأن النية تتجه للاستغناء عنه، وأن من الأفضل أن يتجه إلى مواقع عمل جديدة.. لأن التعامل بهكذا طريقة ستحفظ كرامة الموظف وتحفظ علاقتك معه كمسؤول، وتودعه بالحسنى وتتمنى له التوفيق.. وتأكد من أنه سيكون لك من الشاكرين من دون أن يحمل عليك أحقاداً أو ضغائن..
إنها واحدة من مهارات التعامل مع الموظفين التي نرجو لكل مسؤول أن يتنبه إليها..


ليست هناك تعليقات: