أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

السبت، 20 نوفمبر 2010

كن كريماً كالأنبياء



    إن تكون كريماً فهذا يعني أنك في مرتبة عالية من المراتب التي يكون عليها البشر .. ولم لا ،  والكرم خلق رفيع قلما تجد من يتحلى به في زمن المادية الطاغية والفردية الرهيبة ، حيث الشح والبخل وروح الأنا ومن بعدي الطوفان .. الفردية . 

   ما يدعوني إلى الحديث عن صفة معروفة للجميع وليس جديداً اكتشفته  ، هو أن هذه الصفة أو هذا الخلق الرفيع من الأسباب الرئيسية التي تجعل الغير ينجذب إلى المتصف أو المشهور به ، بل إنه يدعو إلى الاحترام والتقدير . ولينظر أي منا الى الكرماء من حوله ، وكيف أنهم محبوبون ومقربون من الآخرين ،  يذكرهم الناس على الدوام بكل ما هو طيب ورفيع ، في حين العكس يكون مع البخلاء وأهل الشح والتقتير  .  

   حين تتحلى بصفة الكرم سواء كان كرماً ماديا أو معنوياً ، فإنك بذلك تكون قد جلبت لنفسك صفة كريمة عالية المقام ، صفة الأنبياء والمرسلين والأتقياء الصالحين . وأنت حين تتحلى بتلك الصفة، ستضمن دون شك أولاً وأخيراً حب الناس ، لماذا ؟ لأنك تكون في هذه الحالة  قد أعلنت عن زهدك مما في أيدي الناس فيحبونك بالضرورة والفطرة .  

   ليس الكرم الذي أعنيه اليوم يقتصر على ما تعارف الناس عليه من أنه سخاء في البذل والعطاء وتقديم الولائم وجعل المجالس مفتوحاً عامراً بالرواد إلى آخر المظاهر المادية المعروفة .. لا  ليس هذا أعنيه وليس هو هذا مجال الكرم فحسب ، بل إن مجالاته عديدة .

   إن الكرم أيضاً يكون في ديمومة الكلمة الطيبة على اللسان وفي كل الأحوال .. كما أن الكرم أيضاً يكون في المعاملة الطيبة مع الجميع بلا استثناءات عنصرية أو عرقية أو جنسية . والكرم يكون كذلك بالاستزادة من الأخلاق الطيبة وتجسيدها على أرض الواقع مع الناس كل الناس . والكرم أيضاً  يكون في السعي الدائم لقضاء حوائج الآخرين ، حتى لو لم يطلبوها منك مباشرة  ، إذ لو علمت بحاجتهم إلى المساعدة فلن تتردد من المبادرة إلى ذلك ..
 
    هكذا الكرم النبوي الراقي . تتنوع مجالاته وتتوسع حدوده . بل إن صح وجاز التعبير ، ليس للكرم حدود ولا مجال محدد ، إنما المحدد هو عدد الكرماء وخصوصاً في زماننا هذا كما أسلفنا قبل قليل .. فهل ترغب أن تنافس الأنبياء والصالحين في صفة من صفاتهم ؟ أرجو ذلك ، بل لا أجد ما يمنع ذلك أبداً ..  




ليست هناك تعليقات: