أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأحد، 17 أكتوبر 2010

سبعون يوما تحت الأرض - الحلقة الأولى



   بعد احتجاز دام سبعين يوما تحت عمق بلغ 600 متر تقريباً، استطاعت الحكومة التشيلية بتضافر جهود عدد من مؤسساتها في الوصول إلى عمال منجم سان خوسيه الثلاثة والثلاثين، في انجاز محسوب للبشر، بغض النظر عن الموقع الجغرافي، باعتبار أن اختراع الكبسولة أو المصعد الذي تم تصنيعه لأجل إنقاذ العمال، سيتم بشكل أوبآخر في القريب العاجل ، تطويره أكثر فأكثر لتعميم استخدامه في أي منطقة تعمل شركات المناجم فيها، ولأن الذي حدث للعمال التشيليين يمكن أن يحدث لأي عمال آخرين في أي موقع على هذه الأرض ..

    دعونا نعيد شريط الأحداث بسرعة .. عمال يعملون تحت الأرض، ولظروف معينة تنقطع بهم السبل، فيجدون أنفسهم محتجزين في أعماق الأرض، لا يجدون طريقة للخروج كالمعتاد، فتتضافر الجهود على سطح الأرض في البداية للإنقاذ، لكن الأمر لم يكن بالسهولة التي كانت متوقعة.. مباحثات واجتماعات كثيرة تجري مع الأخذ بعين الاعتبار نقطة جوهرية هي الحفاظ على سلامة المحتجزين، فإن أي إجراء للإنقاذ ما لم يكن مدروساً يمكن أن يتسبب في حدوث انهيارات ويموت العمال ويدفنون تحت الأرض وتزهق حياة 33 إنساناً ، ينتظرهم أضعاف ذاك العدد على السطح ، من الأهل والأقارب والزوجات والأبناء والمعارف والأصدقاء ..


 بعد فترة من الزمان لم تدم طويلاً في التخطيط، اهتدى التفكير التشيلي، الذي ربما تضافرت أفكار دولية أخرى معه، ليتم التوصل إلى فكرة الرافعة ومن ثم التخطيط لعملية الإنقاذ ، وبالطبع أثناء التخطيط والتفكير، لم يتم نسيان المحتجزين واحتياجاتهم من الطعام والشراب والدعم النفسي.. إلى أن انتهت القصة بإخراج آخر العمال قبيل فجر الخميس الفائت.

هل انتهت القصة ؟ 

   عملياً وعلى الأرض نعم انتهت القصة.. لكن من المؤكد أن الأمر لن ينتهي عند البعض الآخر، المتربص بهكذا فرصٍ حياتيةٍ لا تتكرر كثيراً، مثل منتجي الأفلام وكتاب القصص والروايات وبالطبع وسائل الإعلام المختلفة التي ستخطط لعمل قصص متنوعة، عبر حوارات مع العمال الذين قد تكون أبواب الثراء قريبة منهم مفتوحة، من خلال التعويضات أو أجور اللقاءات الصحفية والتلفزيونية وشركات الدعاية وغيرها..

   لكن ليس يعنينا كثيراً كل هذا بقدر ما نجد أهمية التوقف عند الحدث لنستخلص بعض النقاط التي لا غنى لأي إنسان يتفاعل مع المواقف الحياتية المتنوعة أن يتذاكرها ويدرسها مع نفسه أو غيره.. وهذا سيكون محور حديثنا في المقال القادم  ..
  

ليست هناك تعليقات: