أطياف

الحياة مدرسة.. أستاذها الزمن ودروسها التجارب

الأحد، 6 سبتمبر 2009

من خلال التدبر لمعاني الآيات القرآنية في هذا الشهر تحديداً، نجد آية غاية في الروعة حين يتحدث الله عز وجل عن مسألة تآلف القلوب، وقد ضرب لنا مثلاً في ذلك ما حصل بين المهاجرين والأنصار.
وتحدث سبحانه عن القلوب، وكيف يمكن أن تتآلف في سورة الأنفال، حيث يبين سبحانه أمراً في غاية الأهمية بقوله (وألّف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألّف بينهم، إنه عزيز حكيم). لقد ذكر سبحانه ذلك ليرشدنا أن تأليف القلوب ليس بالأمر السهل أو الهين، والذي قد يقلل من شأنه كثيرون في أيامنا هذه، وفي اعتقادهم أن تأليف القلوب يمكن تحقيقه بالمال أو ما شابه..
لقد كانت العداوة بين الأوس والخزرج من الأنصار قبل الإسلام شديدة وضارية، بل إن تلك الجاهليات ظهرت بينهم وحضرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بينهم .لقد كانت حرباً جديدة على وشك وقوعها بينهم ولو لساعات قليلة، وكان يمكن أن تُسال دماء كثيرة وتزهق أنفس عديدة، لمجرد أن يهودياً بغيضا ذكّر الأوس ببعض العداوات وضغائن القلوب التي ما زالت عالقة في الأذهان وكامنة في النفوس ضد الخزرج.
ولحسن الحظ أن الأمر وصل فوراً إلى حضرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي أطفأ شرارة نار عظيمة أرادها ذاك اليهودي البغيض أن تشتعل .الله سبحانه هو الذي تكفل بتأليف قلوب أولئك القوم، الذين نصروا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فكان أفضل جزاء دنيوي لهم على تلك النصرة، هو ذاك التآلف الذي أكرمهم الله به، حيث انتهت وتوقفت إسالة الدماء ودموع الأحزان، التي كانت ساخنة بينهم في الجاهلية، قبل أن يكرمهم الله بمجيء المهاجرين إلى يثرب وعلى رأسهم حضرة الرسول الكريم عليه وأصحابه أفضل الصلوات وأزكى التسليم
.يقول ابن عباس رضي الله عنهما، إن الرحم لتُقْطَع، وإن النعمة لتُكْفَر، وإن الله إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيئاً، ثم قرأ (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم). وطبيعي أن الآية لا تقتصر على الأنصار فقط، بل على كل القلوب البشرية من بعد الأنصار، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ليست هناك تعليقات: